عبدالله بن محمد أبابطين
في حديث مع صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن محمد بن عبدالعزيز -رحمه الله- عن حياة الملك عبدالعزيز اليومية، يقول كان نظام الملك عبدالعزيز اليومي جلسته الثابتة بعد صلاة العصر يبدأها في غالب الأحوال بتلاوة القرآن الكريم، ثم يطلب من بعض المشائخ قراءة بعض كتب الحديث أو التفسير أو الفقه وينصت لهم بإذعان، ويسألهم في بعض المسائل، بعد ذلك يستقبل الموظف المختص بنقل
الأخبار الجديدة وعرضها على جلالته، وكان حريصاً على سماع أهم الأخبار والأحداث التي يمر بها العالم.
ثم سأل سموه هل كان رحمه الله يسمع الراديو؟ فأجاب: كان يستخدم الراديو في بعض الأحيان لسماع الأخبار فقط. وسأل سموه متى كان يغضب ولماذا؟.. فأجاب: من الأمور التي كان يغضب لها رحمه الله أي تهاون في أداء الصلاة وكان لا يتردد في ضرب كل من يتأخر عن آدائها وسأل سموه: ما أبرز سمه من سماته الاجتماعية التي يأنس لها؟ فأجاب: من سماته الشخصية حبه الشديد للأطفال حتى يسعد كثيراً عندما يجتمع بهم وتراه دائماً يمازحهم ويتحاور معهم في بعض الأحيان ومن عاداته رحمه الله أنه يطلب منهم أن يقفوا في صف واحد ويقوم بتوزيع عدد من الريالات الفضية عليهم حتى أن بعض الكبار يقفون في الصف في بعض الأحيان للحصول على بعض الريالات التي كان يقسمها عليهم.
وسأل سموه هل كان الملك عبدالعزيز من النوع الذي يميز بين ولد وآخر؟ فأجاب: لم يكن رحمه الله من ذلك النوع الذي يميز بين أولاده فقد كان يحبهم ويرعاهم ويوجههم ولا يفضل واحداً على الآخر. وسأل سموه وماذا عن معاملته للبنات؟ فأجاب كان رحمه الله يعطي رعاية أكثر للبنات ويعطف عليهن ويحافظ عليهن أكثر من الرجال ولهن منزلة ومكانة خاصة عنده. وسأل سموه: هل هناك أحد من أبنائه يشبهه في التصرفات والعادات؟ فأجاب: كل واحد من أبنائه أخذ ميزة من مميزاته وصفاته، لكن لا أستطيع أن أجزم أن أحداً منهم جاء صورة طبق الأصل له، فلكل واحد منهم شخصيته وطباعه.
من عناوين بعض خطابات وكلمات الملك عبدالعزيز والتي ذكرها الأديب والمؤرخ والشاعر أحمد بن عبدالله بن دامغ من أهالي روضة سدير (لهذه عقيدتنا) ألقاها في غرة شهر ذي الحجة سنة 1347هـ (نصرنا الله بقوة التوحيد) ألقاها في 23-1-1347هـ (فخرنا وعزنا بالإسلام) ألقاها في غرة شهر ذي الحجة سنة 1348هـ (أساس أحكامنا هو الشرع الإسلامي) ألقاها في 1349هـ (لا أملك غير السيف والمصحف) ألقاها 6-12-1350 هـ (لا عز لنا إلا بالإسلام) ألقاها في 18-1-1351هـ (أنا قوي بالله تعالى) ألقاها في موسم الحج سنة 1352هـ (نقاتل كل من أراد أن ينال ديننا أو وطننا بأذى) ألقاها في 10 -12-1354هـ (خدمة الشعب واجب علينا) ألقاها 2-2-1355هـ (السكوت على قضية فلسطين لا يوافق المصلحة) ألقاها في 9-12-1364 هـ (إننا سلفيون محافظون على ديننا) ألقاها 10-12-1365هـ.
من أقواله رحمه الله: أحذركم من أمرين: الأول الإلحاد في الدين ومن رأيت فيه زيغاً في العقيدة الإسلامية فليس له إلا الشدة ومن العقوبة أعظمها.. والثاني السفهاء الذين يسول لهم الشيطان بعض الأمور المخلة بأمن البلاد وراحتها فهؤلاء شأني معهم (شأن الديناميت والنار).
ومن أقواله رحمه الله: الشريعة كلها خير والأمر لا يتم إلا بمسألتين الأولى: التوفيق؛ والتوفيق لا يكون إلا بالله (وما توفيقي إلا بالله) والثانية: الاجتماع والإئتلاف{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ }.. ومن أقواله رحمه الله: الناس في رأيي ثلاثة: واحد منهم من أهل الحق وهذا أساويه بنفسي وأفديه بها، وثانيهم من أهل الخير والشر وهذ ا أدعوا له بأن الله يعلي خيره على شره ويكفينا شره.. والثالث من أهل الشر والعياذ بالله وهذا أسأل الله له الهداية وأن يجنبه وغيره شر نفسه ويرشده إلى الصواب. يقول الملك فيصل رحمه الله عن مزايا الملك عبدالعزيز أول هذه المزايا التي يتصف بها والدي قوة الإيمان وثانيها قوة الإرادة والشجاعة وثالثها حكمته وأمانته في معالجته لأمور دولته.
يقول الشيخ إبراهيم بن عبيد آل عبدالمحسن ومن عجائب ما وجدته في بعض التواريخ عن الملك عبدالعزيز أنه بينما هو ذاهب إلى مكة حاجاً على عادته كل سنة انفجرت عجلة في سيارته (الباكار) فجلس جلالته على الرمل ريثما تصلح فمر به راع على جمل وسأل عن الملك هل مر؟.. فسأله ابن سعود وقد رأى أن البدوي لم يعرفه عن الباعث له على استفساره فقال الرجل: إني سمعت أنه في طريقه إلى مكه فقلت عسى أن يجود عليّ بشيء من المال فأحج أنا أيضاً ففتح له الملك كيساً فيه نقود ذهبية يحتفظ بها لمثل هذا الطارئ ونفحه بحفنه فحدق الرجل فيها ثم نظر إلى الملك وقال شكراً لك يا عبدالعزيز لم أعرف وجهك لكن جودك عرفني بك هو العون بعد الله في رفع نازل وكشف كروب أو قضاء حوائج.
يقول لي جدي عبدالعزيز بن عبدالمحسن أبابطين رحمه الله عندما نزل الإمام عبدالعزيز ضيفاً على والدي عبدالمحسن في صيف 1327هـ كان متواضعاً وذا أخلاق عالية وكان همه وحديثه في توحيد هذه البلاد وجمع شملها ورغم أنه لم يجلس في منزلنا إلا سويعات لكن عرفنا عنه الثبات والإصرار على الجهاد والقضاء على الفتن.
يقول الشاعر والأديب عبدالله بن خميس في رثاء الملك عبدالعزيز رحمه الله:
إن يشهدوا عبدالعزيز وقد قضى
ولا قسموا الا يموت يمينا
هل مثله بعد الخلافة قد أتى
أو مثله قد رأى الراؤنا
إن كان في شرع الطبيعة فلته
تأتي بأمر لم يكن مضنونا
فهو الذي أعيا الزمان قرينه
وبمثله كان الزمان ضنينا