د. محمد عبدالله العوين
من المؤسف جدا أن يتكشف هذا النفس الطائفي بين عبارات التأييد «السني» لعاصفة الحزم التي تدك معاقل عصابة الحوثيين عند «بعض» مؤيدي هذه الحملة الوطنية العربية الهادفة إلى إيقاف المد الصفوي والقضاء على أحلام الفرس المتوهمة بالسيطرة على الخارطة العربية!
ومن المؤسف أيضا أن نستمع ونقرأ مثل هذا الموقف الطائفي العقيم عند «بعض» من الفريق الآخر «الشيعي» الذي ينتصر للحوثيين؛ فيرى أن السعودية وحلفاءها لم يطلقوا عاصفة الحزم إلا للقضاء على الحوثيين الشيعة!
إن هذا التأييد من الفريقين وفق هذا المنظور الطائفي الضيق تجن على الحقيقة عند بعض مؤيدي عاصفة الحزم وعند بعض معارضيها ؛ فلا المملكة و لا حلفاؤها العرب ولا أصدقاؤها نظروا من قريب أو من بعيد إلى «التشيع» كمذهب يستوجب حملة عسكرية، ولم يحدث على مدى التاريخ القريب أو البعيد أن استخدمت المملكة القوة العسكرية لمواجهة الشيعة من منطلق طائفي على الإطلاق، وهم إخوة لنا في المواطنة وفي الحقوق تعايشنا معا على مدى قرون بألفة ومحبة وتبادل منافع، لهم ما لنا وعليهم ما علينا، ومواجهة من يخرج على النظام العام ويثير الفوضى والاضطراب ويخل بالأمن وبمصالح البلاد والعباد ليست مقصورة على فئة أو طائفة دون أخرى؛ فقد واجهت الدولة بصرامة وحسم متطرفي السنة كما واجهت متطرفي الشيعة ؛ دخلت بلادنا مرات عدة في مواجهات عسكرية ساخنة ومريرة مع المتطرفين السنة في وقائع تاريخية معروفة معلومة لا تخفى على المطلع الفطن القارئ للتاريخ ؛ في الأعوام التالية 1349هـ معركة السبلة مع جماعة «إخوان من طاع الله» و1400هـ مع جماعة جهيمان، و1416هـ مع التكفيريين، و1423 مع القاعدة إلى 1427هـ.
تنظر المملكة إلى «التطرف» من أية فئة كانت على أنه مدمر للأمن، مقوض للأوطان، ناشر للقتل والفساد في الأرض ؛ فالتطرف في العقيدة أو المذهب، والخيانة في الولاء الوطني ممن ينتسب إلى السنة أو إلى الشيعة أو إلى أي اتجاه فكري أو عقدي أو حزبي آخر بلاء على الوطن، وشر مستطير على المواطنين لا بد من الوقوف في وجهه والسعي إلى استئصاله واجتثاثه من جذوره ؛ مهما بلغ الحد الأشنع في إجرامه وكذبه وتزييفه للدين وافترائه على الحقيقة، ومهما استقوى أو اتكأ على من يزعم مناصرته والدفاع عنه ؛ لتوافقه معه في المذهب واتحاده معه في الطائفة!
واجهت الدولة متطرفي السنة ومن شذ عن جادة الحق وانحرف عن منهج الاعتدال ؛ كما واجهت متطرفي الشيعة ومن غرر به منهم وارتمى في أحضان إيران أو استجاب لما يزينه لهم أبالستها من أحلام مريضة موهومة أو أمان خائبة مهزومة!
واليوم ونحن نواجه عصابة متطرفة خائنة لدينها ولعروبتها مرتمية في الحضن الفارسي ؛ لا نواجهها بمنطق طائفي صرف ولا نعصف بها ونجتث أحلامها ؛ لأنها تنتمي إلى مذهب التشيع؛ لا ؛ بل إن عاصفة «الحزم» الباسلة الواثقة بالله وبنصره لم يؤسسها قائدها الملك المظفر سلمان بن عبد العزيز ويرسم غاياتها ويضع خطوط معاركها ويدير بناء تحالفها العربي والإسلامي والعالمي إلا من منطلق وطني أولا، ثم عربي ثانيا، ثم إسلامي ثالثا .
لم تكن طائفة الحوثي ذات شأن أبدا ولم تشكل أي قلق أو تثير لدى المملكة أية ريبة أو توجس لو بقيت على تشيعها الزيدي القديم دون أن تتجاوز حدود الطائفة المعتدلة لتنتقل إلى أحلام « الدولة « المتطرفة المستحلة دماء وأعراض وأموال من لا يؤمن بمبادئها ولا يدين لها بالطاعة، والمتكئة في ولائها وتنظيراتها على إيران الفارسية ؛ لتكون في مستقبل الأيام - لو نجحت في الهيمنة على اليمن - منطلق الفرس للتوسع ولتهديد المملكة والدول العربية قاطبة، ولتكمل الدائرة الفارسية الملتفة على الخارطة العربية من سوريا شمالا إلى عدن جنوبا، ومن العراق شرقا إلى حدود مصر غربا!
«الحزم» عاصفة العرب تجتث أحلام الفرس!