د. عبدالرحمن الشلاش
صورة مكررة تداولتها مواقع التواصل لمئات من العائلات السعودية المنتظمة في طوابير طويلة في إحدى صالات القدوم في مطار دبي الدولي. كتب تعليق طريف وساخر أسفل الصورة هذا نصه: «تم بحمد الله وصول المملكة العربية السعودية لدبي». كأن كل السعوديين قد وصلوا إلى هناك إشارة إلى كثرة الأعداد والازدحام رغم قصر مدة الإجازة.
التعليق رغم طرافته ومبالغته إلى حد ما إلا أنه جاء دقيقاً في وصفه وتشخيصه لحالة سعودية مزمنة تتكرر عند قدوم أي إجازة حتى ولو كانت مدتها يوماً واحداً. أصبحت الخيارات الخليجية ومنها دبي والمنامة والدوحة مطروحة بصيغة أكثر وضوحاً في الإجازات القصيرة, وإجازات نهاية الأسبوع، والإجازات الاضطرارية « الخمسة أيام» إذا أضيف إلى بدايتها ونهايتها جمعة وسبت يصبح المجموع تسعة أيام يعني إجازة تستاهل «العنوة» أي الكلفة والمشقة، وتكافئ ما سيتم صرفه من مبالغ تذاكر وسكن وأجور سيارات وتمشيات. دبي بطبيعة الحال خيار حاضر في أذهان السعوديين من هواة السفر طوال السنة وتحضر معها خيارات أخرى في أوقات أخرى. مقطع وصلني أمس الأول لتراكم آلاف السيارات الصغيرة في منفذ سلوى على حدود دولة قطر الشقيقة لاستكمال إجراءات دخولهم إلى قطر في طريقهم للدوحة. يعبر هذا المقطع أيضا عن ذات الحالة في مطار دبي وستجد نفس الصورة حاضرة في بقية المنافذ البرية على حدود المملكة مع الإمارات والبحرين والكويت والأردن، وفي الموانئ الجوية. خروج جماعي يتكرر عند كل إجازة يضع علامات استفهام كثيرة؟
ذكرتني هذه العبارة بوصول السعودية لدبي بتعليق طريف كتب قبل سنوات يعبر عن حالات الهجرات الجماعية في الإجازات لكثير من العائلات لخارج المملكة مضمونه «آخر واحد يطلع من السعودية يطفي اللمبات ويسكر الباب ويحط المفتاح تحت برج المملكة». إشارة صريحة لكثرة أعداد المسافرين حتى خيل لمن صاغ العبارة أن كل الشعب قد غادر ولم يتبق منهم أحد.
في كل مناسبة نشخص المشكلة ونصفها ونعلق عليها ونطلق النكات الساخرة لكننا لا نقدم الحلول. لا يمكن أن تضع اللوم على المسافرين فكل عائلة تبحث عن المكان الملائم لقضاء الإجازة في أجواء مريحة وهادئة إن وجدتها داخل الوطن فخير وبركة وإلا فالحلول ستكون حاضرة بالسفر إلى الخارج.
ماذا تريد هذه العائلات، وما احتياجاتها من السفر, وماذا ينقصهم في الداخل، وهل هناك عوائق داخل الوطن تمنع من صناعة سياحة منافسة للدول الأخرى وتضمن أن تبقى المليارات التي تصرف في الخارج لتصرف داخل البلد لتعزز الاقتصاد الوطني؟ هل طرحت هيئة السياحة استبانة للإجابة على هذه الأسئلة المهمة لعل في نتائجها ما يساعد على تقديم ما يجذب الأغلبية؟
في رأيي فمن يسافرون من العائلات في الغالب لا يبحثون عن تكلفة أقل فالأسعار في داخل السعودية هي الأرخص. أحلام العائلات السعودية المغادرة في غاية البساطة. الجلوس في مقاهي هادئة تجمعهم، أو التسوق في المولات ومشاهدة فلم سينمائي إن تيسر، وأماكن ترفيه تمنحهم الأريحية. من يرى أنهم يبحثون عن فساد ونحوه فلديه مشكلة مع نفسه ويحتاج لعلاج عاجل.