سعد الدوسري
إنها الأيام الأولى للواقع الذي وجدنا أنفسنا فيه بمواجهة عسكرية مع بلادنا التي تضم أهلنا، وتضم أيضاً مَنْ اختاروا أن يخرجوا على بيت عائلتنا، على بيت الوطن الواحد.
إنها أيام تشبه الأخرى.
تشبه تلك التي كنا أثناءها في مواجهة بلادنا الأخرى، العراق الأبي الأشم؛ شبابنا لا يتذكرون تلك الأيام، لكنهم يعيشون اليوم غياب هذا البلد العظيم عن دوره العربي والإسلامي، وعن منجزاته الحضارية الهائلة، وعن إبداعات أهله الفكرية والثقافية والرياضية والفنية.
لماذ غاب العراق؟! من غيّبه؟! من استغل بساطة أهله، لكي يدمر بهم وطنهم الاستثنائي؟!
شبابنا لم يعيشوا حرقة مشاهد تدميره بالطائرات بالصواريخ، حتى تحوّلت أنهاره إلى دماء، وحدائقه إلى تراب، ومتاحفه إلى غبار. كل هذا لأن هناك من باعه بثمن بخس للمتآمرين ضده وضد جيرانه.
إنها أيام تشبه الأخرى.
نصحو لنجد أن هناك من يبيع ويشتري بوطنٍ يملكنا ونملكه، ويجعلنا نشهد ضربات موجعةٍ تؤلمه وتؤلمنا، ضربات تلاحق هؤلاء الباعة، لكنها تتشظى لتصيب غيرهم، ممن لا ذنب لهم. يا لهؤلاء الباعة، يعرفون تماماً ما فعله من سبقهم في العراق، ويفعلون مثلهم. يبعون مصير بلادهم لنفس الدمار والتمزق. يا لهؤلاء الذين لا يعبأون إلا بخرافة أنهم هم سادة الزمان والمكان، في زمان ومكان لا سيادة فيه إلا للتعايش المشترك، المتجذر في التاريخ.
يا يمن، لن يسرقوك مثلما سرقوا العراق، ستعود قوافلك محملة بك، بإذن الله.