د. محمد عبدالله الخازم
لست خبيرًا بالتفاصيل السياسية والعسكرية، فما أنا سوى مواطن يتابع من الخارج كل ما يحيط بوطنه من مخاطر ويثق بقرارات قيادة بلاده الحكيمة في ذود الشر عن وطننا الغالي. ومن هذه المعرفة المتواضعة أجزم ألا أحد يحب الحرب، ولا أحد يود تعريض أبنائنا والآخرين للمخاطر، أيًا كان نوعها. ينطبق ذلك على القيادة وعلى المواطن المخلص لوطنه، والمحب للخير والسلام. بل أجزم بأننا دولة تسعى للسلم والخير والنماء والتواضع أكثر من سعيها لاستعراض القوة واستخدام الآلة العسكرية وسيلة لحل الصراعات التي تعترضها وتؤثر على أمنها واقتصادها ونمائها.
لكنه قدر بلادنا أننا نعيش في منطقة ظروفها الجيوسياسية ملتهبة لا تهدأ على حال. قدرنا أن هناك من يشعل الصراعات حول حدود بلادنا ويتوقع منا أن نحافظ على هدوئنا وصمتنا المعتاد. يتوقعون أنه بإمكاننا النوم قريري العيون وجيراننا يتهاوى وطنهم وتختطف شرعية حكومتهم ويعوث بأرضهم الخراب. لم يدركوا أن أمن جيراننا هو أمننا، سواء قسنا ذلك بمصلحة دنيوية أو بمصلحة الدين والعقيدة الجوار.
لم يبدأ الخراب بين يوم وليلة، لكن ضبط النفس الذي تتمتع به قيادتنا وحلم الأخلاق الذي تعودناه، لم يكن مجديًا مع بعض الأطراف. قلنا ربما تكون نزوات ثورية حماسية، ستنتهي بالقضاء عليها من قبل الدولة الشرعية وحاولنا تارة النصح وتارة التوسط وتارة انتظار الإخوة الأشقاء لأن يحلوا مشكلاتهم بأنفسهم. لكن ذلك لم يحصل.
حاولوا تصوير القضية بأنها طائفية تارة وبأنها تدخل خارجي تارة أخرى، ونسوا أن بلادنا من مكوناتها الأساسية التنوع الطائفي والمذهبي، وبأنها لم تتدخل في شؤون أي دولة كانت لمجرد الاختلاف المذهبي أو الديني معها. نسوا أننا دولة سلام، ولأجل السلام والسلم لم نتردد في عقاب حتى أبنائنا الشاذين عن السلوك القويم، ممن انتموا لجماعات الإرهاب سواء كانت قاعدية أو غيرها من الجماعات الإرهابية. أمننا وسلمنا والحفاظ على وحدتنا يأتي في المقام الأول، ومن يخل به نأخذ على يده سنيًا كان أو شيعيًا، مسلمًا كان أو غير مسلم.
الإرهاب هو عدونا سواء كان على مستوى أفراد أو طوائف أو جماعات. سواء أخل بنظام الشارع اليومي أو نظام دولتنا وكل ما يحبط بسلامتها من الداخل والخارج. ليس لدينا مشكلة لو اختارت جارتنا وبطريقة سلمية وشرعية قيادتها من أي مذهب أو طائفة، لكنها مشكلة كبرى أن يخل بأمن الجارة العزيزة من يريد قيادتها ضد رغبات شعبها وبطريقة مخالفة للشرعية والحق.
أمن جيراننا من أمننا، لا نحب الحرب، لكن عندما يجبروننا على غير ذلك، فنحن لها. وعندما تدق طبول الحرب ففداك ياوطني دماءنا. لن نسمح لكائن من كان بالإساءة لوطننا، كلنا خلف قيادتنا، نثق بها وندعم قراراتها ونفديها بأرواحنا. كلنا جنود بواسل في مواقعنا وكلنا خلف جنودنا في خطوط المعارك ندعو لهم بالنصر والعودة سالمين غانمين منتصرين.
حفظ الله وطننا وأبعد عنه المكائد والشرور، وأزال الغمة عن جيراننا وأعد لهم أمنهم وسلمهم، أمننا وسلمنا.