عبد الاله بن سعود السعدون
تعيش منطقتنا العربية في حالة من عدم التوازن السياسي لتسارع الأحداث المتسارعة حولها ومن داخلها حتى قاربت في بعض دولها للفوضى المطلقة كما هو الحال في سوريا والعراق واليمن وليبيا وهي التي هللت ورقصت شعوبها للريح الأصفر الذي رافق مصيبتنا الربيع العربي والذي تسبب في انعكاسات سلبية على الأمن القومي العربي ومنطقة الشرق الأوسط بكامله أو كما رأينا الآن حجم الدمار والخسارة العالية في ضياع الدماء العربية دون نفع وطني أو هدف يخدم قضايانا العربية المشتركة.
في أواخر القرن العشرين ألقى بيريز رئيس إسرائيل محاضرة في القاهرة موضوعها الشرق الأوسط الجديد وحملت الوتد منه كوندليزا رايس وحولت بخبراء مراكز البحوث الإستراتيجية في وزارة الخارجية الأمريكية إلى مشروع سياسي كبير ليغطي منطقتنا العربية كاملة وظهرت مشاريع بارزة ثلاثة لتكمل تنفيذ هذا المشروع الدولي إقليمياً على رأسها الإسرائيلي والهادف لضمان أمن إسرائيل بتخريب القوة العسكرية العربية وتقسيم الخارطة العربية إلى مساحات ضعيفة دون قوة عسكرية تحمي وتصون أمنها القومي والثاني الحلم الفارسي بإقامة إمبراطوريتهم من باب المندب حتى اللاذقية وبلع العراق وسوريا ونصف لبنان. وحيازة السلاح النووي الضامن لأمنها واستقرارها السياسي والاقتصادي والسيطرة على المنافذ المائية هرمز وباب المندب أما الثالث فهو المشروع التركي الذي يعتمد على الموروث العثماني لتجديد العلاقة العربية التركية مستنداً اقتصادياً على نظرية حصان الاقتصاد يجر عربة السياسة مشروعنا العربي أين يتجه بين هذه المشاريع الثلاث.
الهدف الإستراتيجي الذي يؤمن التوافق حوله في عالمنا العربي يعتمد في ظل ظروف منطقتنا المشتعلة ويتركز على ارتباط دفاعي متين بين دول خليجنا العربي مع مصر العربية ومملكة الأردن الهاشمية وقد تكون المملكة المغربية أيضاً أقرب لهذا التجمع العربي بمشروع إستراتيجي يحتل مساحة عريضة في المشروع الجيوسياسي للشرق الأوسط الجديد. ومن أجل تحقيق هذا الهدف الأسمى والوصول لحالة قوية ومستقرة لمواجهة الأطماع الإقليمية والدولية ينجزه تحركاً شجاعاً وجاداً سياسياً ودبلوماسياً تحت ظل المبدأ الأساسي في أولويات العلاقات الإقليمية والدولية المتبعة في العالم المتحضر (الثقة والاحترام TRUST AND RESPECT) لردم خنادق الخلافات الثنائية وإيجاد حالة تسوية مرضية للجميع تعتمد على تحقيق توازن معقول في جدول المطالب والأهداف المتقاطعة وتفهم عالي للظروف المحيطة بجغرافية منطقتنا الإقليمية ومسك العصا من الوسط للوصول إلى توافق يرضي الجميع ويخدم المصالح العربية العليا ويحقق السلام الإقليمي أساساً مطمئنا لمستقبل عالمنا العربي سياسياً واقتصاديا وتأكيداً جاداً لصيانة أمننا القومي وبتعاون إستراتيجي مستقر ومشاركة فعالة مع كل الجوار الإقليمي المتوافق معنا في إقامة شرق أوسطي جديد يحقق الأمن والازدهار لكل شعوبه.