د.موسى بن عيسى العويس
ترجمت (عاصفة الحزم) التي قادتها المملكة العربية السعودية بكل عزيمة وثقة واقتدار المشروع الاستراتيجي الكبير الذي طرحته السعودية قبل أربع سنوات، وهيأت كل الظروف لوجوده واقعاً ملموساً على أرض الواقع.
* بذرة (اتحاد الخليج) الذي تحول في ظل (أزمة اليمن) والتعاطي معها إلى شبه اتحاد عربي لاقى حينذاك ترحيباً خليجياً واسع النطاق، بوصفه هو المشروع المستقبلي لحماية المصالح المشتركة بين دول الخليج العربي التي ترتبط شعوبها بأكثر من آصرة، آصرة الدين، والثقافة، والتاريخ المشترك.
* في أحداث اليمن الأخيرة المعقدة تتسع الرؤية السياسية شيئاً فشيئاً، بعد أن نضجت التجارب نسبياً لدى بعض شعوب المنطقة التي عانت في السنوات الثلاث الأخيرة أحداثاً جساماً، تحطمت في مخيلاتهم أحلام كبيرة وآمال عظيمة، توهموها أو أوهموا بها بتعبير أدق. هذه الأحداث الخطيرة لا نختلف أنها غيرت موازين القوى بالمنطقة، إن لم يكن على مستوى العالم بأسره.
* الفرد العربي اليوم يعيش في يقظة، أو يستشعر نشوة أخرى جديدة في حياته لم تكن مسبوقة، ومن الطبيعي أن الشعور الفردي يتحول إلى شعور جماعي متفائل، وهو الآن يعيش في تصالح مع قياداته بصورة قد تكون أفضل مما قبله، وبخاصة أن الكثير من شعوب المنطقة مرت بتجربة ما يسمى (الربيع العربي) فقارنت، وحللت الأحداث والتوجهات، وربما نجد شيئاً من التناغم في المواقف بين رغبة الشعوب وتطلعات القادة تتعاظم يوماً بعد يوم.
* عاصفة الحزم جددت ثقة الإنسان العربي بنفسه، وبإرثه الثقافي، والاجتماعي، والتاريخي، والسياسي، وتجدد معه الإيمان بأن وحدة الكلمة والهدف أساس العمل، والطريق الأمثل للوصول للغايات التي تعبر بشعوب المنطقة إلى بر الأمان؛ لكي تستطيع أن تعيش حياتها الطبيعية، كغيرها من شعوب العالم المنافس لهم من حولهم في كل مجال.
* لا أحد يختلف أنه رغم الحياة المترفة الآمنة الهانئة التي كانت تعيشها بعض شعوب المنطقة إلا أن هناك شعوراً داخلياً منهزماً نفسياً، يعاني القلق والاضطراب والتخاذل والخوف والشك، وغير ذلك من الضغوطات الداخلية التي ولدت حالات كثيرة من البؤس، والإحباط، والتشاؤم من سوء المصير الذي تنتظره المنطقة في خضم الأحداث المتسارعة، المحدقة بها من كل ناحية وصوب.
* اليوم، الأمر، والحالة، والشعور مختلفان كل الاختلاف، وأجزم كل الجزم بأن الشعوب والمجتمعات الأخرى تغيرت، أو ستتغير نظرتها إلى الإنسان العربي بشكل عام، والخليجي بصفة خاصة، إن هو واصل دعم مشروعه الكبير في الوحدة بين دول المنطقة، ووفق الساسة إلى قيادتها؛ لكي تصبح قوة، أو كياناً آخر منافساً على كل الأصعدة، قادراً على خوض مرحلة التحدي، والتنافس مع دول العالم المحيط بنا.
* من المؤكد أن الحرب كخيار لا يميل إليها أصحاب التجارب في الحياة السياسية، لكنها قد تصبح في يوم من الأيام هي الخيار الأوحد؛ فدول الخليج العربي استنفدت كل الوسائل السياسية في إدارة أزمة اليمن، فدعت على أكثر من صعيد للسلم، والتحاور، والمشاركة بين كل الأطياف، واكتشفت - للأسف - أن تقرير المصير لهذا الشعب تديره أجندة خارجية، تهدف إلى زعزعة اليمن، وكل شعوب المنطقة، فكان ذلك التنسيق الملموس والحاسم من الدول العربية، ومن ساندها من دول العالم في هذه العمليات التي ستعيد للمنطقة أمنها واستقرارها.