د.موسى بن عيسى العويس
* صوت المواطن المبحوح، والوتر الجريح من يسمعه ويتبناه؟ أجدني شديد التعاطف مع المقدمين، وهم يستجدون، ويلتمسون، أو يرجون من المسؤولين تجاوباً، أو آذاناً صاغية!! وسائل الإعلام، المرئي، والمسموع، والمقروء، الجديد والتقليدي منها، تفننت واجتهدت في فتح نوافذ للمواطن السعودي، في كل قرية، وهجرة، ومركز، ومدينة. مارست مؤسسات الإعلام هذا الدور بهمة عالية، منطلقة من السياسة الإعلامية للمملكة العربية السعودية، والرسالة المبتغاة من مثل هذه المؤسسة التي حملت هم صوت المواطن، كما حملت هم تثقيفه وتوعيته، وأتاحت جميع الوسائل لمؤسسات الدولة، وشركات القطاع الخاص، لكي تقدم ما لديها، وتمارس جزءا من مهامها واختصاصاتها من خلال هذه القنوات، كل هذه الوسائل الإعلامية المتاحة تأتي استجابة لنداء قيادتنا الرشيدة في هذه البلاد، حيث طالبت ونادت في أكثر من مناسبة للإصغاء لصوت للمواطن، وقضاياه، ومشكلاته، بصورة تتلاءم مع الدعم السخي الذي تبذله الحكومة في سبيل إسعاد المواطن والمقيم على أرض هذه البلاد، بل وحاسبت أكثر من مسؤول على التقصير، أو التجاهل لما يطرح أمام الرأي العام بطريقة أو أخرى؟
* مع ذلك الزخم والدعم والمناشدة من الحكومة لا زالت تتكرر المطالب من القائمين على برامج ونوافذ صوت المواطن، بمختلف مسمياتها أن تتجاوب الجهات بتوضيح نشاطها، وحدود مهامها، والخدمات التي تقوم بها، والأسباب التي تحول دون تحقيق خدمات محددة، أو أسباب تأخرأوتعثر مشاريع بعينها، وممارسة الشفافية والوضوح مع المواطن، وعدم المحاباة، أو المجاملة مع بعض الجهات ذات العلاقة، إذ من الملاحظ أن بعض القصور يبدو معه شيء من المجاملة في التصريح، أو محاولة التصريح بلغة دبلوماسية. انتهى عصر المجاملة في مثل هذه القضية، أو الحقوق التي تمس أوضاع المواطنين، ولاسيما وأن الجميع يعرف صدور أكثر من تعميم من المقام السامي حول التجاوب مع وسائل الإعلام، والرد على ما يثار ويطرح، بل ومحاسبة من يحاول إيراد بعض المعلومات غير المؤكدة، أو التي يكون فيها شيء من الإساءة إلى مؤسسات الدولة، أو المسؤولين، حفظا لمكانتهم الاجتماعية والرسمية، إلا إن الجميع يتفق أو يؤمن بدور وسائل الإعلام بالتخفيف على المواطنين، وبخاصة في المناطق النائية التي تحول المسافة، والظروف، وإحجام بعض المسؤولين عن استقبالهم من وصول صوتهم لمتخذ القرار.
*مما يسر المواطن وتفاءل به خلال السنوات الأربع الأخيرة استحداث أجهزة رقابية، أو إضافة بعض المهام في هذا الموضوع إلى أجهزة رقابية قائمة من فترة طويلة تتجاوز الأربعين عاما، هذه الأجهزة أياً كان عمرها، أسند إليها من ضمن المهام والاختصاصات التصدي لما يطرح في وسائل الإعلام ومتابعة ما ينشر، بل ومتابعة الأجهزة الحكومية التي يبدو في عملها شيء من التقصير في التجاوب والاستجابة، وتحقيق المطالب، أو تحسين الخدمات، فهيئة مكافحة الفساد، وديوان المراقبة العامة، وهيئة الرقابة والتحقيق جهات تقع عليها المسؤولية في المتابعة، وأخذ زمام المبادرة في تبني هذه النوافذ، أو المنابر التي أتاحتها وزارة الثقافة والإعلام للمواطن، والمؤسسات الرقابية، وكبار المسؤولين، وإذا لم يكن لها ذلك الاختصاص فيما يطرح بطريقة مباشرة فلتخرج من صمتها وتصرح بذلك، وبالتالي فإن المواطن سيقدر شفافيتها ويلتمس لها العذر.
* إذن، بقي أمل ورجاء مؤسسات الإعلام، والمواطن من الجهات الرقابية أن تجعل هذه المنابر وما يطرح فيها تحت السمع والبصر، لإعادة الأمور إلى نصابها وفق توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، في هذا العهد الزاخر الذي نتقلب في أعطاف أمنه، ورخائه، واستقراره.