د. خيرية السقاف
هذا التاريخ لن يتكرر، لن يأتي على الإنسان يوم من الدهر تاريخه اليوم السادس، في الشهر السادس، من عام يكون هو السادس والثلاثين إلا بعد قرن...!!
ولأنه لن يتكرر، فقد تعشمتُ ألا يتكرر سلوك الكثير من الوالدين، تحديداً الآباء مع أبنائهم الصغار الذين لا يملكون حولاً أمام قسوتهم، ولا قوة..
وللإيضاح فقد عزمت أن أرافق أعزاء في رحلة لبلد قريب لبضعة أيام، كان الهدف منها تجديد نشاط الذهن، والإضافة لخبرة الاختلاف، ولأن للنفس علينا حقاً لا ينبغي أن نغفله في دوامة الحركة، ودأب البذل.. أياً كان نوعه..
هنا في هذه الرحلة القصيرة شاهدت خلال يومين فقط جملة من المواقف التي آلمت النفس، وخدشت صورة العلاقة الوالدية..
إذ في الطرقات، وعلى الشاطئ، وفي الأسواق، وفي المطاعم، وردهات الفنادق يتصرف لا يزال هؤلاء الآباء مع صغارهم بالنهر، والضرب، والإغفال، وتركهم يتوهون يتخبطون في اللحاق بهم،..
المؤسف أن ما يوحي إليه السفر، أو حتى التسوق لمواطني البلد ذاته، أن هناك حاجة يدركها الواعون من تحركاتهم..، إذ لا أحسب أن غاية المرء الواعي من تحركه أينما يكون إلا الاستفادة، لا هدر الوقت، ومجرد العبث بقيمة الحياة..
فإن هو هذا المُدرك الحقيقي، فإنه يؤشر إلى وعي الإنسان..،
غير أن الواعي لا يمكن أن يكون فظاً، سليط اللسان، متجهم التقاطيع، بذيء الكلمات مع ابنه وهو إما في الطفولة الأولى، أو الصبا...
صديقتي التي رافقتني نهرت أباً، وهو يضرب ابنه، وينهر زوجه ويتركهما يركضان من ورائه، وآخر، وآخر..
ترى لماذا لا توضع ضوابط، وعقوبات لكل من يسيء في الأماكن العامة مع صغاره..؟
ربما في صرامة الضوابط إذا وضعت، ونفاذ العقوبات ما يضبط سلوكهم أيضاً داخل الأسر، حين ينتشر الوعي بين الصغار بحقوقهم، وتوعيتهم نحو المرجعيات النظامية لها...
لا يزال الإنسان حيث يكون يخدش الصورة، ويجرح الحس.. ويشوِّه جمال العلاقة بين الآباء وصغارهم..
فلربما يأتي التاريخ ذاته في القرن القادم، ويكون كل الآباء واعين بجمال العلاقة بينهم وأبنائهم.