سعد بن عبدالقادر القويعي
لا يمكن بدء أي تحول سياسي في سوريا، ما لم يرحل بشار الأسد عن السلطة، هذا أمر متفق عليه، إلا أن إعادة الاتصال السياسي الرسمي معه عبر قناة التفاوض، التي عبّر عنها - وزير الخارجية الأمريكي - جون كيري - قبل أيَّام - كانت تجاوزا للأمر الواقع - إضافة - إلى أنها لن تقدم الصفة المشروعة المقبولة لدى الشعب السوري؛ بسبب الصراع من الناحية السياسية؛ لكنها - في المقابل - تمثل اعترافاً رسمياً بالدور الإيراني في سوريا؛ بسبب ما أحرزته من نجاحات على أرض الواقع.
تصريحات جون كيري، التي دعا - من خلالها - إلى ضرورة التفاوض مع الأسد - في نهاية المطاف - افتقرت إلى الحزم في التعامل معه، بل كانت أجمل هدية تقدم إلى الرئيس السوري، وجيشه، وقاعدته الشعبية، وحلفائه، ومؤسسات حكمه، في مقابل اعتمادها على إبرام اتفاق نووي مع إيران، الداعم الأساس للرئيس السوري، بحيث تغض واشنطن النظر عن دورها المتضخم في العراق، وسوريا، - وكذلك - لعدم وجود إشارات من روسيا بالتخلي عن الأسد.
ولا بأس - حينئذ - أن يسقط خيار الشعب السوري، حتى وإن دخلت انتفاضته عامها الخامس، والتي راح ضحيتها أكثر من ربع مليون قتيل، وتشريد ملايين السوريين؛ ولتسقط معها ثوابت الثورة، ومواقفها، والأدوار التي رمزت إليها.
اشتراط رحيل نظام الأسد من السلطة كشرط مسبق للتسوية السياسية، أو كهدف نهائي له حق مشروع، وستؤدي إلى نتائج ذات أبعاد متعددة، وأهداف مرغوب فيها. ومثله - أيضاً - العمل على تقوية المعارضة - سياسيا وعسكرياً - ، والتي تعرضت - مع الأسف - لخديعة كبرى من قبل أمريكا، وحلفائها.
وعكس ذلك سيؤدي إلى تغيير موازين القوى، ومعادلاتها في المنطقة، وإعادة تدوير القضية السورية، وتغيير بعض اللاعبين.
بأخذ تلك الحقائق كلها، وبالإضافة للحقيقة، فإنَّ الأرجح أن إدارة أوباما؛ حتى وإن استأنفت مفاوضاتها مع الأسد، فهكذا اتصالات سياسية مشبوهة مع نظام الأسد، ستكون امتدادا لتسييس الأزمة، بعد أن أصبحت في حالة من التعقيد الشديد، والمستقبل الحالك، والمصير المربك، كونها تصر على الربط بين القضية السورية، والملف النووي الإيراني، وهو ما سيجعلنا نؤكد - مرة أخرى - على أن خريطة التحالفات ستبقى مفتوحة على كل الاحتمالات، وستشهد استعادة إيران لدورها الإقليمي، مع عدم رغبة الإدارة الأمريكية بإقصائها عن موقعها كدولة محورية في المنطقة، - إضافة - إلى خدمة المصالح الأمريكية في المنطقة، وتعزيز أمنها القومي.