د. خيرية السقاف
يمر غالبية الناس في مجتمعنا منذ فترة بازدواجية، وتناقض شديدين في السلوك..
بين إفساح، وتضييق, بين مقبول، ومرفوض.., بين جميل فعل, وقبيح آخر..
ولا يخرج الجميع من حد هذه الازدواجية الجارح إلا الاحتكام إلى مرجعيات أساس في بنية النظام الاجتماعي المحلي، وأول هذه المرجعيات ما يقره الشرع وما لا يقره, ثم ما يتفق عليه المجتمع وفق قيمه، وما لا يتفق عليه، ثم يناسب المرحلة بما تقتضيه المصلحة ولا يخل بهاتين المرجعيتين..
فالناس يتخبطون في سلوكهم، وينفرطون في التعبير عن آرائهم, ولم يعد كلهم على بينة بين الحق والباطل, والمباح وغير المباح, والمعقول والمرفوض, والقيمي والمنقول..
بالأمس ظهرت النساء متبرجات في شاشات الفضاء، ومن ثم أُعدن إلى الزي الساتر المتفق عليه, وقبل ذلك تطاول الناس على بعضهم بحجة حرية التعبير التي أتيحت لهم في المواقع الافتراضية، ثم صدرت ضوابط, وعقوبات فخف أوارهم, وبالأمس كانت مواقع العمل ذات شقين أحدهما للنساء، والآخر للرجال فتم الدمج، وأشرع الباب فوجدنا المهرجانات، والحفلات بما حتى في بعض مرافق المؤسسة التعليمية تقفز على المعقول، والموافق عليه، بل تمس المرجعية الدينية بشكل ما..
إن الاعتدال في كل شأن هو ضابط نجاحه، وإن الاعتماد على حدود التشريع هو منتهى الحكمة، وفيه فصل الخطاب..
وهذا هو النهج الأساس، ومحور المعاش، ومدار السلوك، وسفينة النجاة..
وعلى الناس إدراك ذلك، والقيام بمسؤوليتهم تجاه سلوكهم الشخصي, وسلوك من في رعايتهم من الأبناء، والأزواج، كي يقضى على الازدواجية التي ظهرت بينهم, ولكي يحفظ مجتمعنا خصائصه في أبهى صورها, وقيمه في أنقى منابتها، مع التوافق، والتكيف اللازمين مع العصر دون إخلال، وتفريط يستوجبان شغل المؤسسة الرقابية بملفات تحقيق، ولا انحسار, وتقوقع يبعدان المجتمع عن عجلة النمو, والتجديد المثمر.. ومواكبة الحياة في مجتمعات الأرض، لنكون على هدى القاعدة الشرعية وسطا, لا إفراطَ، ولا تفريطَ، بما يمكِّن المقومات الجليلة للوعي فينا.