محمد المنيف
من المؤسف أن يندفع بعض فنانينا التشكيليين خلف آراء وأفكار توصف بالـ(المتطرفة ) شأنها شأن كل فكر أو رأي ديني كان أو سياسي، برزت معالم هذا التطرف في كثير من المعارض التي تقام بين ظهرانينا أو من يقيمها من فنانينا خارج الوطن، الاندفاع الذي وضع له طعم سنارة اصطياد الفنانين الشباب بما يغريهم بالعالمية، فتجاوز فيه بعضهم حدود ما يجب أن يكون عليه فنون الوطن وهويته وتراثه وخصوصيته المجتمعية ،فخرجت علينا معارض نخجل من أن نشير بالكلمة إلى ما يعرض فيها فكيف بمشاهدتها، ذلك ليقال إننا حداثيين في الفن ونطمح بهذه الحداثة المغلفة بأوراق مذهبة تحمل السموم فكرا إلى أن يعترف بنا الآخر ليس حبا فينا وإنما لطمس ثقافتنا وتراثنا الفكري والبصري.
هنا يمكن أن نعود للعنوان وللتطرف في الفن وهو الانحراف إلى أبعد مسافة من نقطة الحقيقة إما إلى اليمين أو إلى اليسار وكلاهم سيء يخرج الفنان عن واقعه ورسالته، تطرف لا يكتشف أبعاده إلا من يعي معنى الحداثة على حقيقتها والتي لا يمكن أن يعترض عليها أي إنسان وهب العقل والقدرة على التطوير في كل ما يخدم حياته وحياة الآخرين، لكن الأمر تجاوز الحداثة إلى الإساءة، يستمع فيها كل من أولئك الفنانين (المخدوعين) إلى مقولات وتوصيات بالخروج عن المعتاد والتقليدي كما تلقيته من أحد الفنانين غير السعوديين خارج الوطن معترضا على تدخل الجهات الرسمية في الفن وما تضعه من قيود معتبرا (محافظة جدة) البوابة إلى حرية (الراي) عبر كسر حواجز الممنوع إلى مساحة الحرية المطلقة مع ما استشهد به من صالات عرض في مواقع أخرى في الرياض أو الخبر، مطالبا الفنانين بتجاوز هذا القيد مستشهدا بأسماء يرى انها شجاعة وتعد من أبطال الفن عندما تواجه رفض عرض أعمالهم في الداخل بأخذها إلى الخارج، معتقدا أن ما تقوم به تلك الجهات الرسمية هي قمع الإبداع، متجاهلا ما يقدم للفن من فرص وللفنانين من حرية التعبير حقق به الكثير الوصول إلى العالمية دون أي إخلال بخصوصيتنا وجدت التقدير والاحترام والاقتناء، إلى أن وصل الأمر إلى تجاوز حدود الذوق العام والتعامل مع الفن لأهداف لاعلاقة للفن بها إنما حقيقتها تكمن في الرسائل التي تتضمنها تلك الخروقات وما أحدثته من اشمئزاز الجمهور أكثر من الإعجاب.
اختم بما شاهاته من أعمال في البينال الثاني عشر بالشارقة والذي يستمر ثلاثة أشهر يمكن لهؤلاء الفنانين زيارته والاطلاع على كل دوراته وكيف تطور وأصبح علامة بارزة دون أي خدش لحياء بقدر ما حمل حزمة من سبل الارتقاء بالعقل والوجدان، أعمال متميزة لفنانين كبار أصحاب تجارب، احترمت الشارقة إبداعهم وقدرت عين المشاهد وذائقته.