فضل بن سعد البوعينين
أختلف مع ما ذكره مقدم برنامج «بوضوح»؛ في الحلقة التي استضاف فيها رئيس مجلس إدارة «موبايلي» الأستاذ سليمان القويز؛ وتأكيده على أن كشف خلل القوائم المالية؛ والإعلان الأولي عنها جاء من قبل المراقب الداخلي ابتداءً؛ «وهو ما يحسب لإدارة الشركة»!!؛ بحسب وجهة نظره. الحقيقة أن الإدارة السابقة جاهدت من أجل إخفاء بعض القيود المحاسبية قبل أن تتفلت المشكلة من عقالها؛ وتتحول إلى قضية لا يمكن التعامل معها بمعزلٍ عن الجهات الرقابية.
يحسب للأستاذ سليمان القويز؛ ظهوره الإعلامي؛ وشفافيته (الدبلوماسية)؛ وحرصه على إعادة بناء الثقة مع أطراف العلاقة وفي مقدمتهم حملة الأسهم؛ غير أن ذلك لن يغير شيئا في أصل القضية وتبعاتها القانونية؛ والخسائر الفادحة التي تعرض لها المساهمون.
شفافية إدارة الشركة؛ ولا أقول الرئيس الحالي؛ جاءت متأخرة جدا؛ وبعد أن فقدت الثقة وتسببت في خسائر فادحة للسوق والمساهمين.
إعادة الثقة قد لا تكون هَيِّنة مع جملة المخالفات؛ وحملة التظليل التي قادتها الإدارة السابقة والتي ما زال رئيسها محتفظا بمقعده في مجلس الإدارة الحالي. تعيين الأستاذ سليمان القويز رئيسا لم يكن عرضا كما يصوره البعض؛ بل أزعم أن التعيين جزء رئيس من خطة إنقاذ شاملة، لشركة كادت أن تغرق في مستنقع المخالفات المالية والإدارية؛ وتجر معها قطاعي الاتصالات والمصارف.
توقفت عند قول الأستاذ «القويز» إن مجلس الإدارة طلب «إنشاء إدارة الالتزام لضمان التزام تطبيق السياسات المحاسبية والسياسات التشغيلية». إدارة الالتزام أحد أهم الإدارات الواجب تواجدها في الشركات المساهمة؛ وبخاصة الشركات الكبرى التي يفترض أن تكون من أكثر الشركات المساهمة تطبيقا لمعايير الحوكمة؛ ومتطلباتها. غياب «إدارة الالتزام» يكشف جانبا من مسببات ظهور مشكلات القيود المحاسبية؛ وتمكن الإدارة التنفيذية من استغلالها الوضع لتسجيل نسب نمو غير حقيقية؛ ومواصلة صرف توزيعات نقدية للمساهمين!!.
التأكيد على أن الشركة «لا تعاني من أي تخلف بالسداد وإنما لديها إخلال في تعهد صافي الديون على الإيرادات والأرباح قبل الإطفاءات والزكاة وتكاليف التمويل»؛ قد لا ينسجم مع تبعات الشرط الأساسي في عقود التمويلات المصرفية التي قد تفرض على الشركة في حال الإخلال بها؛ السداد الكلي للمديونية؛ وفي هذه الحالة لن تتمكن «موبايلي» من الإيفاء بالتزاماتها. أتفق مع الأستاذ «القويز» من أن البنوك لن تسعى للمطالبة بسداد المديونية؛ وذلك لسببين رئيسين؛ من وجهة نظر خاصة؛ الأول على علاقة بالرؤية الحكومية الداعمة للشركات المساهمة؛ وحرص «ساما» على معالجة مثل تلك القضايا بعقلانية تساعد على الوفاء ولا تقود إلى التعثر. والثاني؛ أن البنوك الدائنة لن تغامر بالمطالبة بالسداد الفوري للمديونية وهي تعلم علم اليقين بعدم قدرة الشركة على التنفيذ؛ وهذا سيقودها إلى تسجيل تلك الديون ضمن الديون المتعثرة ما يفرض عليها خصم الجزء الأكبر من أرباحها لمخصصات الديون.
المراهنة على بقاء أسعار فائدة قروض «موبايلي» عند مستوياتها الأولى قد تكون خاسرة مع تغير نسب الربحية؛ وانخفاض معدلات الملاءة؛ ووجود شبهة التدليس في القوائم المالية؛ خاصة وأن الشركة كانت تحصل على أدنى الأسعار مقارنة بالشركات الأخرى؛ كنتيجة لكفاءتها المالية والإدارية؛ أما وقد انتفى السبب فمن المتوقع ارتفاع تكلفة التمويل.
من اللافت أيضا؛ إقرار رئيس مجلس الإدارة بحاجة الشركة إلى سنوات لمعالجة الوضع المالي «الاستثنائي»؛ وهذا يعني أن العامين 2015 و 2016 هما عامي تحدي لمواجهة الإلتزامات المالية؛ ما قد يؤثر سلبا على التوزيعات النقدية للأربع سنوات القادمة على أقل تقدير. وهذا سيؤثر سلبا على حملة الأسهم الذين تحملوا خسائر رأسمالية بعد انهيار قيمة السهم منذ إيقافه الأول. هناك معلومات غير مؤكدة تتحدث عن تخارج بعض الملاك الرئيسين من مجموعة كبيرة من أسهمهم بناء على معلومات داخلية؛ يعزز تلك الشبهات عمليات البيع المكثفة؛ وبخاصة بيع أكثر من خمسة ملايين سهم قبيل إغلاق السوق بدقائق في اليوم الذي سبق يوم تعليق تداول سهم «موبايلي»!!.
أجزم بأن أهمية التحقيق بالنسبة للمساهمين تتمحور حول نقطتين رئيستين؛ الأولى عمليات (التدليس) وأخطاء مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية والمراقبين الماليين. والثاني بيع أسهم الشركة بناء على معلومات داخلية وتحقيق ثروات طائلة على حساب باقي المساهمين.
قضية «موبايلي» لم تنتهي بإعلان إدارتها تصحيح القيود المحاسبية وإطفاء تداعياتها المالية؛ والتأكيد على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية؛ وتحقيق الربحية؛ بل أعتقد أن القضية ما زالت في بداياتها لأسباب مرتبطة بمخالفات متشعبة لا يمكن تجاوزها إلا بكشف الحقائق ومحاسبة جميع المخالفين بعدالة وشفافية.