فضل بن سعد البوعينين
أصبح التخصص سمة الصناعة الإعلامية العالمية، ومفتاح نجاح وسائلها والعاملين فيها.. لم يعد مقبولاً تناول وسائل الإعلام مواضيع متخصصة وفق آلية تقليدية بالية ينقصها العمق المعلوماتي والتحليلي، أو أن تُعهد لمحررين، وإعلاميين غير قادرين على فهم محتوى الرسالة الإعلامية التي يقدمونها، وانعكاساتها الآنية والمستقبلية.
يعطي التخصص الإعلامي عمقاً احترافياً ومهنياً يُسهم في رقي المؤسسة ونموها لأسباب مرتبطة بجودة المخرجات. الجمع بين التخصصات ملَكة نجدها بارزة لدى بعض محترفي الإعلام لدينا، فتعينهم على أداء عملهم بكفاءة وتدعم مؤسساتهم الإعلامية وتزيد من فاعليتها، ومصداقيتها، واحترامها لدى المتلقين، إلا أن تلك الملَكة لا يمكن أن توفرها للجميع، ما يستوجب التعامل باحترافية مع متطلبات العصر، واحتياجات المجتمع.
للإعلام قوة ناعمة ومؤثرة على الشعوب، ويمكن من خلاله إحداث التغيير الأكبر في الدول والمجتمعات ما يفرض على القائمين عليه مسؤوليات يجب مراعاتها من قِبل ممارسي المهنة والمستثمرين على حد سواء.. يرى الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، أمير المنطقة الشرقية، أن مسؤولية الإعلاميين عظيمة ومهمة، لقدرتهم على الوصول إلى شرائح المجتمع دون استئذان، ما يستوجب منهم التدقيق في المخرجات الإعلامية بتنوعها، وأن يكونوا الرقيب على ما يصدر منهم، وبما يتوافق مع أخلاقيات الإعلام، ومعاييره، ومتطلبات الرسالة الإعلامية الهادفة والبناءة.
الأمير سعود بن نايف خصَّ إعلاميي المنطقة الشرقية بدعوته الكريمة في «إثنينيته» وهو تأكيد لأهمية الإعلام والإعلاميين ودورهم في منظومة البناء والتوجيه، وتناولَ بشفافية قضية الزميل «محمد الثبيتي» - رحمه الله -، وأنها باتت في يد المحققين المعنيين بإصدار الحكم فيها، بعد أن أمر بجميع الإجراءات الكفيلة بحفظ حقوق الزميل الثبيتي، رحمه الله.
الأمير سعود بن نايف، كان في مقدمة المصلّين على الفقيد، والمعزين لأهله وذويه وإخوانه الإعلاميين.. لفتة إنسانية، وأخوية حانية، شهدنا عليها حين حديثه عن الفقيد، واهتمامه بحالته قبل وفاته، وحرصه على التواجد مع إخوانه وأسرته والصلاة عليه - رحمه الله -.
الأمير سعود بن نايف، أكد أيضاً في حديثه للإعلاميين على أهمية مراعاة خصوصية الناس، ومشاعرهم في نشر الصور والمشاهد المؤثرة، التي تجرح مشاعر المتلقين عامة، وكل من له علاقة بها على وجه الخصوص.
التخصص الإعلامي كان محور النقاش في «الإثنينية»، حيث تم التركيز على الإعلام الاقتصادي والأمني، وهما الأكثر أهمية وتأثيراً، وبخاصة الإعلام الأمني الذي بات يُشكّل جبهة دفاع موازية للجيوش.. هناك من يؤمن بعدم اهتمام وسائل الإعلام بتوفير الكوادر المتخصصة القادرة على التعامل مع الشأن الاقتصادي باحترافية وكفاءة.. وبرغم إيماني بوجود الكوادر المتخصصة، إلا أن آلية العمل في بعض المؤسسات الإعلامية لا توفر للمختصين بيئة حاضنة يمكن الاستقرار فيها.. بل إن بعض مسؤولي الصحف، ولأسباب شخصية صرفة، يحاربون بعض الكفاءات المتخصصة، فيتسببون في حجب أقلام وطنية قادرة على خدمة الوطن وإثراء الساحة الاقتصادية بالطرح المهني والموضوعي.. عدم اهتمام بعض المؤسسات الإعلامية بالتدريب والتأهيل، وتهاونهم في تدوير المحررين بين الأقسام المختلفة دون مراعاة للخلفية الثقافية والمهنية، يُضعف مخرجات الأقسام الاقتصادية، ويُشوهها لعدم الإلمام بموضوعاتها.
هناك إقصائية غير مقبولة تُمارس على بعض الإعلاميين المختصين في المؤتمرات والأنشطة الوطنية، والمناسبات الحكومية الهامة التي لا تتهاون في دعوة المختصين المحليين، وتتسابق لدعوة غير السعوديين وإن كانوا من أصحاب الأقلام المسمومة في تناولهم الشأن الوطني.
الأمر نفسه ينطبق على الإعلام الأمني الذي يُمكن أن يشكّل خطراً محدقاً إذا لم يتم التعامل معه بكفاءة، ووفق معايير الأمن الوطني.. الإعلام الأمني في حاجة ماسّة إلى الرسالة المتوافقة مع الرؤية الوطنية، والداعمة لجهود القطاعات الأمنية المجنّدة لحماية الوطن والمواطنين.. الاحترافية في نقل الأخبار الأمنية تساعد على إيصال الحقيقة دون مؤثرات سلبية، وتسهم في دعم رجال الأمن المنخرطين في الذود عن الوطن، وحماية مكتسباته، وترسيخ أمنه وفق الصلاحيات، والمسؤوليات التي تحكمها الأنظمة والقوانين.
النقل الخاطئ للأحداث الأمنية، أو كشف التحركات الأمنية، ومواقعها الإستراتيجية، يؤدي إلى الإضرار بالأمن ورجاله، ويهدد أرواحهم ويضعف التحركات الأمنية الموجهة لمكافحة الجريمة بأنواعها.
التخصص أولى خطوات دعم الإعلام الاقتصادي والأمني، بالإضافة إلى الإستراتيجية الإعلامية الوطنية التي يمكن أن تسهم في إعادة الهيكلة ورسم خارطة طريق للإعلام المتخصص الذي يقود المجتمع ويسهم في بنائه والذود عنه.