محمد بن فهد العمران
منذ اكتشاف النفط بكميات ضخمة وبدء إنتاجه في المملكة، كان من الطبيعي منذ ذلك الوقت وحتى الآن أن يتم توفير مشتقات النفط داخل المملكة بأسعار بيع مشجعة للمواطنين والمقيمين على حد سواء، وذلك يعود إلى ضخامة المخزون وغزارة الإنتاج والأهم انخفاض التكلفة وتحقيق إيرادات مهما كانت أسعار بيع المشتقات النفطية منخفضة بينما تم إهمال دراسات المقارنة مع أسعار بيع المشتقات النفطية عالمياً وإقليمياً وخصوصاً دول الجوار ذات الاقتصادات التي تشبه اقصادنا.
وكانت النتيجة، أن ازدهرت تجارة تهريب المشتقات النفطية إلى دول الجوار (بل والتفنن في أساليب التهريب) ثم ازدهرت الحركة الصناعية داخلياً والقائمة أساساً على أسعار المشتقات النفطية المدعومة سواء من القطاع الخاص أو القطاع الحكومي حتى أصبحت اليوم مشاريع الكهرباء وتحلية المياه والإسمنت والبتروكيماويات والحديد وغيرها تستنزف وبشكل مفرط للمشتقات النفطية بشكل مباشر أو غير مباشر، بينما نجد في معظم دول العالم أن استهلاك المشتقات النفطية هو في واقع الأمر للنقل أو للتدفئة وليس للصناعة إلى نسبة متواضعة ويكاد يكون موضوع تهريب المشتقات النفطية معدوماً!!
المهم أن الدعم الحكومي للمشتقات النفطية في المملكة أدى إلى ظهور مشكلة خطيرة تتمثل في بلوغ نسبة الاستهلاك المحلي لنحو ربع الإنتاج النفطي مع تحقيق نسب نمو سنوية أعلى من نسب النمو الاقتصادي للمملكة تشير إلى مستقبل مظلم فيما لو استمر النمو بنفس الشكل وهو ما أدى إلى إنشاء المركز السعودي لكفاءة الطاقة بهدف المحافظة على الثروة الوطنية للأجيال القادمة من خلال ترشيد استهلاك المشتقات النفطية، وهنا تبرز أهمية إعادة النظر تجاه الدعم الحكومي الذي ثبت عدم جدواه والذي سيلعب دوراً مهماً لترشيد الاستهلاك من خلال آلية من المفترض أن تعوض المواطنين فروقات الأسعار بشكل عادل.
ما يدلل على ذلك، أنه في حال ارتفاع أسعار النفط فإن الحاجة لإلغاء الدعم تقل بينما في حال انخفاض أسعار النفط فإن الحاجة لإلغاء الدعم تزيد، وبالتالي أستطيع القول إنه في حال انخفاض أسعار النفط ولفترة زمنية طويلة مستقبلاً فإننا حتماً سنضطر إلى إلغاء الدعم الحكومي بغض النظر عن موضوع النمو المخيف للاستهلاك المحلي من المشتقات النفطية أو تهريبها خارجياً وبغض النظر أيضاً عن ما يحدث حالياً من تنفيذ لمشاريع النقل العام بالمدن الرئيسية الكبرى أو التوقيت المتوقع لانتهائها.