يوسف بن محمد العتيق
في نص نبوي كريم أن المرء الذي يُحدِّث بكل شيء يسمعه فإنه يقع في الكذب المحظور شرعاً، وهذا التحذير ينطبق ويتأكد في حق مروجي الشائعات منذ القدم، ومنذ عهود إسلامية متقدمة كانت الشائعة سوساً ينخر في جسد المجتمع، ما لم يتعامل معها المجتمع وصانع القرار بصرامة.
في عصر النبوة والرسالة، كانت هناك شائعات تعامل معها النبي الكريم وصحبه بطريقة صارمة يجدها الباحث في فصول وأحداث قصة الإفك الشهيرة، وكيف أن رسولنا الكريم عاقب كل مروِّج للشائعات مما قضى على الشائعات، وهكذا في كل عصر فإن الشائعات تصدر من مغرض ويتلقفها جاهل أو حاقد، ثم تنتشر أكثر من الخبر الحقيقي، ويكون للبعض متعة في نشر الخبر غير المتثبت منه أكثر من الأخبار الصحيحة.
وفي تراثنا العلمي يجد الباحث أن علماء الحديث النبوي قضوا كل حياتهم لوضع منهج علمي في قبول الأخبار أو ردها، وكيفية التعامل مع الخبر، وصاحب الخبر، وكيف نقبل الخبر أو نرده، ومن يصلح لرواية الأخبار ومن لا نثق بأخباره، ولو كان شخصاً سليم النية إلا أنه لا يوثق في نقل خبره، كل هذه التفاصيل موجودة في ما يُعرف مؤخراً بعلم مصطلح الحديث، وفي السابق كان يُطلق على بعض أقسامه علم الجرح والتعديل، وهو الحديث عن كل شخص يروي خبراً، وهل هو ثقة أم لا، ومدى قوة حافظته في نشر الأخبار.
والآن، في زماننا هذا نحن بأمسّ الحاجة إلى علم الجرح والتعديل على أشخاص وفضائيات وغيرهم، ممن لا يدققون في نقل الأخبار وأصبحوا مصدراً للشائعات!!