د.عبدالرحيم محمود جاموس
رغم الانشغال العربي بأحداث ربيعة الدامية، لا يجوز أن تغيب القضية الفلسطينية أو أن يجري تهميشها، حتى يتم تشييعها في موكب جنائزي غير مهيب، وكأن فلسطين والفلسطينيين لم يعودوا جزءا من الأمة العربية، وأن القدس ليست القبلة الأولى للمسلمين ومسجدها الأقصى ليس بثالث المسجدين!!!، لن تغفر لنا الأجيال اللاحقة ما نحن عليه من هوان نبتلى في سلطاننا الوطني والقومي والديني، دون أن يحدث فينا، ما يتوجب أن يحدث، من صحوة حقيقية، بل نرتد إلى الوراء في محاولة جديدة لتغييب الوعي والعقل العربي إلى الوراء!!!
دولياً ما زال موقف المجتمع الدولي رهينة للسياسات الإسرائيلية المحمية أمريكيا، ويقف عاجزاً عن حماية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعن حماية شرعيته المنتهكة جهارا نهارا في فلسطين، على يد الاحتلال وإجراءاته الفاشية والعنصرية، ولا يجد من العرب ما يفرض عليه ضرورة تغيير هذه السياسات، المهددة للأمن والسلم الدوليين في فلسطين والمنطقة العربية.
إن الربيع العربي الموجه ضد نظم الاستبداد والديكتاتورية لن تكتمل مصداقيته وثماره، إذا لم يتوجه أيضاً إلى إنهاء الاحتلال والصلف والعربدة الإسرائيلية في المنطقة وفي الأراضي الفلسطينية، وإذا لم يتطور أيضاً الموقف الأمريكي الغربي الذي يدعي دعم ومناصرة ثورات الربيع العربي، من الصراع العربي الإسرائيلي، ومن استرداد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي بكل صوره وإفرازاته، وإخضاع الكيان الإسرائيلي للشرعية الدولية، وإلا فإن الدعم الأمريكي الغربي للربيع العربي ما هو إلا حلقة جديدة من حلقات تنفيذ استراتيجيات وسياسات النفاق السياسي الذي يطبع سياسات الغرب إزاء القضايا العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين.
على ضوء ما سلف يصبح السؤال الضرورة والمشروع الموجه لاجتماع المجلس المركزي لـ م.ت.ف المزمع عقده يوم الأربعاء والخميس 4 إلى 5-3-2015م في مدينة رام الله للنظر في الأوضاع الخطيرة المحدقة بالقضية الفلسطينية وبمستقبل عملية السلام المتوقفة أمام جدار التعنت الصهيوني، واللامبالاة الأمريكية والدولية والعربية، فإلى متى يبقى الوضع الفلسطيني على ما هو عليه؟!!، لا يسر إلا العدو الصهيوني، وإلى أين تتجه السفينة الفلسطينية، نحو الغرق، أم نحو شاطئ السلامة والأمان؟! وهل كان اتفاق أوسلو بداية أم نهاية؟!!
إن تحديات المرحلة كبيرة وخطيرة، تستوجب المراجعة الشاملة للسياسات والأدوات والأساليب، قبل أن يفقد الجميع زمام المبادرة، وتصبح إسرائيل اللاعب رقم واحد في نظام الشرق الأوسط الجديد الذي يجري ترتيبه على قدم وساق، وعندها تضيع الحقوق العربية والمستقبل العربي، وفي مقدمة ذلك الحقوق الوطنية والقومية المشروعة للشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين، ومن هنا تكتسي دورة اجتماع المجلس المركزي لـ م.ت.ف أهميتها في تقديم الإجابة الشافية على تلك التساؤلات وتحديد ملامح المرحلة النضالية المقبلة فلسطينياً وعربياً ودولياً.