سمر المقرن
ليس من عادة قلمي أن يتناول القضايا الشخصية التي يثيرها (بعض) المثقفين، والتراشق والمناكفات التي تحدث بين حين وآخر في الأوساط الثقافية؛ لأن ما أراه في معظمها بعيد عن الثقافة، وأحيانًا اللياقة والأدب. أحترم الجدل الذي يدور بين الأوساط الثقافية في قضايا «عامة»، تهم شريحة من الناس، لكن القضايا الشخصية عندما تعبر من أمامي أشعر بالغبن والحزن أن تصدر من أناس محسوبين على الوسط الثقافي، فلا أفكر - عادة - في الاقتراب منها، عدا هذه المرة؛ إذ لفت نظري هجوم باذخ شنّه المثقف المعروف محمد رضا نصر الله ضد الشاعر والأديب علي الدميني. وسبب الهجوم كان تافهًا للغاية؛ إذ غضب الأول لأن الثاني لم ينشر شهادته الشعرية في كتابه. الغريب هو هذا الموقف المتشنج من شخص له باع طول في الوسط الإعلامي والثقافي والسياسي، إضافة لكونه عضواً في مجلس الشورى منذ سنوات طويلة، ورجلاً له كلمته في الأوساط الثقافية والأندية الأدبية ومؤسسات الإعلام وحتى في وزارة الثقافة والإعلام، كان - وأعتقد أنه ما زال - من ذوي الكلمة الأولى، فكيف يتعامل بهذا الأسلوب مع شخص أصدر كتابًا، وهو حر في كتابه، ينشر فيه ما يشاء ولمن يشاء؟ فلماذا محمد رضا نصر الله بهذه اللهجة الحادة وكأنه يقول لعلي الدميني إما أن تنشر شهادتي الشعرية في كتابك أو أنني سأخرج إلى الصحافة وأهاجمك، كما فعل عبر صحيفة الحياة يوم الخميس الفائت، بالهجوم الشرس واعتبار عدم نشر علي الدميني لشهادة نصر الله الشعرية في كتابه أنه عمل كما وصفه بـ (غير الأخلاقي).
والتناقض الكبير في موقف محمد رضا نصر الله أنه يقول في شهادته الشعرية عن علي الدميني: «إنه اختط له تعبيرًا شعريًا فريدًا، بعد اطلاع واسع على مدارس الشعر». وفي موضع آخر من الشهادة يصف قائلاً: «علي الدميني هو عمر بن ربيعة الذي ظل يهذي بالشعر زمنًا طويلاً وهو يتغزل بالقرشيات...». كل هذا الوصف والمديح والإطراء في الشهادة التي كتبها عن علي الدميني لأنها ستنشر في الكتاب، وعندما صدر الكتاب ولم ينشرها أصبح علي الدميني على حد وصفه «صغير في حجمه وتجربته الشعرية والثقافية..!».
الغريب في الأمر أن محمد رضا نصر الله يقول: «إن تصرف علي الدميني يدفعه إلى أن يعيد النظر في تجربته السياسية برمتها»، واصفًا إياها بـ»المشاغبة السياسية مما يلفت الأنظار إلى حجمه الصغير في التجربة الثقافية والشعرية في المملكة».. بغض النظر عن مدى اتفاقنا أو اختلافنا مع تجربة علي الدميني السياسية، إلا أن هذا لا يُلغي أنه صاحب تجربة تؤرخ، كما أن القضية أدبية، فلماذا يُقحم نصر الله الجانب السياسي وكأنه يحاول الاصطياد في الماء العكر؟!
أنا هنا لم آتِ لأدافع عن علي الدميني؛ فهو لا يحتاج لدفاعي ولا دفاع غيري، لكنني حقيقة مذهولة من طريقة الخلاف الصادرة عن رجل مثل محمد رضا نصر الله الذي يُعتبر أحد الرموز الثقافية السعودية، ويُمثل في كثير من المجالات الوسط الثقافي في منطقته القطيف. أستغرب أن يتحدث بهذا الإسفاف ضد شخص لم ينشر في كتابه شهادة من شخص لا يريده، وإن كان هو من طلب منه كتابة الشهادة الشعرية فهو حر، عدِل عن رأيه وغيّره فلم يعد يرغب بوضع شهادته في كتابه، فهل النشر بالإجبار؟ موقف عجيب وغريب جعلني - شخصيًا - أعيد النظر في إعلامي ومثقف معروف مثل محمد رضا نصر الله!