م. خالد إبراهيم الحجي
يُشار إلى أن المعنى العام للمعرض هو تجمع منظم لإظهار وعرض تشكيلة من الأشياء، ومن الناحية العملية يدل معنى المعارض في العادة على تجمع يُعقد داخل القاعات والمتاحف، كما يدل أيضاً على التجمعات الدولية في مختلف المجالات التي تعقد في الصالات والمراكز الكبيرة المخصصة لهذا الغرض في مختلف دول العالم طوال العام،وأنواع المعارض الدولية كثيرة ومتنوعة وتعقد طبقاً لطبيعة الاختصاصات والمجالات التي أقيمت لأجلها..
.. ويسافر المشاركون والزائرون إليها من المؤسسات والشركات والهيئات من كل حدب وصوب، مثل معارض المكياج وأدوات الزينة ومعارض الأطعمة الدولية، ومعارض الرسومات الفنية، والسيارات والطائرات والمخطوطات والآثار التاريخية وغيرها من المعارض الأخرى التي تعرض التطور في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة وآخر ابتكارات التكنولوجيا والتقنية الحديثة.. والهدف من عقد المعارض الدولية وإقامتها يعتمد على الاختصاص والغرض من إقامتها فمثلاً: المعارض الثقافية والعلمية والآثار تعكس التطور الثقافي والعلمي، ومعارض المخطوطات والآثار التاريخية تظهر تراث الدولة العلمي وعراقتها التاريخية، بينما المعارض الدولية التجارية تقام بهدف ترويج المنتجات المتطورة وتسويقها، وهذا النوع يستهدف نوعين من العملاء الأول: استفادة المؤسسات والشركات والهيئات في القطاعين الخاص والعام من بعضهما البعض بعقد صفقات التعاون والتكامل الفني والتقني والصناعي بينهم، والنوع الثاني المستهدف من العملاء هو: شرائح الجمهور المختلفة التي تزور المعرض مما يتيح الفرصة للشركات التجارية المشاركة في المعرض في بناء الوعي العام عند جمهور الزائرين بالعلامات التجارية وتعريفهم بالماركات والسلع الاستهلاكية أو المعمرة المناسبة لهم، وقد يصاحب إقامة المعارض أيضاً انعقاد الندوات القصيرة التي توضح نشاطات المشاركين وآخر ابتكاراتهم.
وعقد المعارض وإقامتها من حيث التوقيت ينقسم إلى نوعين الأول: موسمي مؤقت ويكون في وقت محدد وقصير مثل معرض الجنادرية، ومعارض البناء والاتصالات، والآخر دائم مستمر طوال العام مثل معرض دارة الملك عبد العزيز، والمعرض المصري لتاريخ الفراعنة، ومعرض اللوفر في باريس.
ومع تزايد ارتباط الحياة المعاصرة اليوم بالعلوم والتكنولوجيا تزايد انعقاد معارض العلوم والتقنية والبحث العلمي في دول العالم المتقدمة، وحتى الآن لا يوجد في السعودية معارض علمية تُظهر مخرجات مراكز البحث العلمي المرتبطة بـ 33 جامعة أهلية وحكومية مرموقة، وقد آن الأوان وأصبحت الحاجة ملحة لإظهار مخرجات مراكز البحث العلمي المختلفة تحت سقف واحد بطريقة عملية وفعّالة لطلاب العلم ليصبحوا أكثر اطلاعاً ومعرفة في جوانب البحث العلمي، وتبادل المعلومات والخبرات في المجالات المختلفة، والتواصل مع الدول المتقدمة، ولأن الإنسان المعاصر يحتاج في الوقت الحاضر إلى قدر معقول من الثقافة العلمية ليتخذ قراراته بشكل مستنير وصحيح في مختلف المجالات التي تمس حياته اليومية مثل: الصحة العامة والإعلام الحديث، وأجهزة التكنولوجيا التي نستخدمها وغيرها من ثقافة المعلومات المرتبطة بالحياة اليومية.
وعقد معرض سنوي لمخرجات البحوث العلمية السعودية سيحقق الفوائد التالية أولاً: يتيح لكل مركز أبحاث أن يعرض مخرجاته العلمية وآخر ما توصل إليه في مجال البحث والمعرفة، والتعريف على أهميتها العلمية في حياتنا اليومية.
ثانياً: يتعرف الزائرون على الباحثين والمسؤولين القائمين على هذه المخرجات البحثية المتخصصة كمرجعيات علمية مرموقة ذائعة الصيت في مجال اختصاصها، فيتمكن القطاع الخاص والعام من الاستعانة بمرئياتهم العلمية السديدة عند الحاجة إليهم.
ثالثاً: المعرض سيكون همزة وصل وتعارف بين المستثمرين الزائرين وأصحاب البحوث العلمية والابتكارات التكنولوجية مما يتيح فرصة تحويلها إلى تطبيقات عملية ومشروعات تجارية والاستفادة منها في الحياة اليومية على أرض الواقع، وأحسن مثال على ذلك بداية شركة جوجل الشهيرة في صورة مشروع بحثي بدأه (لاري بيج) وسرعان ما شارك فيه (سيرجي برن)، وذلك حينما كانا طالبين يقومان بتحضير رسالة الدكتوراة بجامعة ستانفورد بولاية كالفورنيا.
رابعاً: انعقاد المعرض سنوياً سيتيح الفرصة لخريجي الثانوية العامة لمطابقة ميولهم العلمية مع المسارات الإبداعية لكل جامعة، وفي الوقت نفسه يتيح المعرض للجامعات التعرف على النابغين منهم واستقطابهم.
خامساً: سيُولّد مناخاً حقيقياً من التنافس العلمي والإبداعي بين مراكز البحث العلمي المختلفة والجامعات، ووجودها سنوياً تحت سقف واحد سيفتح قنوات الاستفادة والتعاون والتكامل بين بعضهما البعض بما يخدم البحث العلمي والتكنولوجي.
سادساً: سيُولّد انطباعاً من الشعور بالفخر عند الآباء والأمهات والمسؤولين الحكوميين وعامة الجمهور بالإنجازات العلمية والابتكارات التكنولوجية، بالإضافة إلى الاعتزاز بالوطن وأبنائه، كما يمكن بعد نجاح تجربة إقامة معارض سعودية سنوية للأبحاث العلمية والعلوم والتقنية والابتكارات التكنولوجية، توسيع التجربة خليجياً لتشمل مراكز الأبحاث العلمية والعلوم التقنية لدول مجلس التعاون الخليجي.
الخلاصة: إن إقامة معارض البحوث العلمية والعلوم التقنية وسيلة فعّالة لإظهار إنجازات مراكز البحث العلمي وتفعيل التواصل بين الباحثين والمبتكرين والمستثمرين لتحويل البحوث العلمية والابتكارات التكنولوجية إلى تطبيقات عملية على أرض الواقع.