حقي وقت قريب كانت (داعش) تمارس جرائمها على أرض عربية وبكوادر غالبيتها من العرب.. وكاد أمرها كتنظيم إرهابي أن يصبح (شأناً عربياً) طالما أن جرائمها وبشاعة الأعمال التي ترتكبها باسم الإسلام هو موجه ضد العرب وضد الإسلام.
غير أن العقول التي تديرها.. وتخطط لها وتمولها.. أرادت أن تستغلها لتقديم أسوأ الأمثلة عن الإسلام والمسلمين.. وذلك بتوسيع دائرة جرائمها لتشمل فئات ومجاميع إنسانية أخرى من غير المسلمين.. وبعد أن كانت ترفع شعار (الدولة) أصبحت ترفع شعار (العصابة) التي تقوم بأعمال القرصنة علي الأرض.
فإذا كان قراصنة (البحار) في قديم الزمان لا يكتفون بنهب المراكب والسفن، بل يقومون بأبشع الجرائم ضد كل من فيها.. فإن (داعش) تقوم بالمثل.. لتلغي بذلك فكرة (الدولة) من أساسها لأن من يريد أن يشيد (دولة) لا يقتل مواطنيها وينهب ثرواتهم ويمثّل بهم.
إن الهدف الحقيقي لعصابة (داعش) هو بث أسوأ دعاية ممكنة عن الإسلام والمسلمين.. والعمل علي حشد أكبر عداء ممكن للإسلام والمسلمين في مختلف أنحاء العالم.. لذلك تعمدت ارتكاب جرائم قتل جماعي لمن وصلوا أو يصلوا إليه من أصحاب الديانة (المسيحية) بهدف تحويل العداء (المسيحي) عن جرائم عصابات داعش الإرهابية وجعله يتجة لـ(المسلمين).. خاصة لدى المواطن المسيحي الغربي العادي الذي يمكن أن تصلة المعلومة على طريقة أن المسلمين يقتلون المسيحيين بطريقة همجية ودون أي وجه حق أو أي أعتبار إنساني.
وتأتي العملية الأخيرة بخطف أكثر من مئتي مسيحي أشوري.. كمقدمة للتدمير المتعمد والمبرمج لموجودات متحف نينوى - الموصل الذي تعود مقتنياته لما قبل ثلاثة آلاف سنة.. ونحن نعرف الأهمية التاريخية والفنية والإنسانية التي تخص بها الآثار العراقية التي توثّق لحقبة مهمة من تاريخ الإنسانية.. لكنهم دمروها.. (الآن).
لماذا الآن بعد كل هذه الفترة التي قضتها (داعش) في الموصل.. ولماذا قرنتها بخطف كل هذا العدد من المسيحيين.. وهي تريد أن تستفز كراهية كل العالم ضد من تحديداً.. لأن توصيف عصابات داعش بـ(الإرهابية) يُراد له - في مشاعر غير المسلمين - أن لا يتوقف عند حدود مجموعة دينية إرهابية متطرفة.. بل يراد منه خلق حالة عداء.. تفرز ردود فعل ربما تكون أكثر عدائية وعنصرية من تلك التي أفرزتها حوادث (11 سبتمبر) والتي بذلت المملكة العربية السعودية.. جهوداً جبارة للحد منها وترميم آثارها.. بعمل دوؤب يؤكد للعالم أجمع وسطيتها.. وعدالتها.. وتسامح المسلمين مع كل من يعيش على أرضها.. وكشفت برامج بعثاتها الطلابية لكل أنحاء العالم.. وسعت لفتح قنوات للحوار مع أصحاب الديانات الأخرى وكثير..كثير غير ذلك.
قد يقول أحدهم إن ذلك كله تم لأن أحداث سبتمبر أشارت بأصابع الاتهام للسعودية والخليخ.. لكن ها هي عصابات (داعش) تريد لأصابع الاتهام أن تتجه لكل الإسلام والمسلمين.. أي أنها تريد أن تصنع من الإسلام عدواً... بوضع مثال حي تمثّله الدولة التي تريد أن تنشئها على شحذ طاقة الكراهية لدى غير المسلمين في بلاد المسلمين أيضاً.
- عبدالله باخشوين