أحمد بن عبدالرحمن الجبير
يركن المواطن إلى حالة من الاطمئنان بعدما تولى الأمير محمد بن سلمان مسؤولية الملف الاقتصادي والتنموي، وبعدما اختصرت بيروقراطية القرار، وبعد سنوات من تداعيات مؤلمة لسوق الأسهم انعكست سلبا على مجتمعنا، وأصبحت الأسهم عبارة عن صراع خلفي يديره البعض، دون حساب للأمن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وهذا الاطمئنان يعني مزيدا من الانضباط والتوازن، وفرض قيود وآليات واضحة على سوق الأسهم ومضاربيه تحديدا.
وعموما فإن سوق الأسهم المحلية بحاجة ماسة لمراجعة دقيقة ودورية، حيث أن المستثمر ينقصه الوعي والرؤية الواضحة، والقطاع المسئول بحاجة إلى مهنية عالية وشفافية ورقابة صارمة، وللوصول لهذا الأمر يفترض من مراقب السوق أن يأتي بالحلول، وأدوات الحماية لكي يدافع عن السوق قبل أن تحل به المشكلات، حتى وإن كان القرار صعباً كوقف التداول عند النزول، أو الصعود الحاد حتى يتبين الخلل.
الصعود والهبوط هي لغة الأسهم، ولهذا فإن العاملين في قطاع الاستثمار في سوق الأسهم المحلي يدركون مسبقا طبيعة السوق، خاصة وأن ثقافة البيع، والشراء لدى العديد من صغار المستثمرين ليست مدروسة أو تخضع لمعايير، مما يجعلهم دائما أسرى لتحركات هوامير السوق أو يجعلهم متتبعين لحركتهم، لكن هوامير السوق يعتمدون على إمكاناتهم المالية التي تسمح لهم بالتلاعب في السوق والتأثير عليهم.
والمؤسف حقا أن هناك الكثير ممن يطاردون الشائعات، وحيتان السوق أحيانا كثيرة يضعون الطعم للصغار، وإغراؤهم بالفتات دون وعي منهم، ومن ثم تأتيهم الطامة الكبرى، كل هذا يجري أمام أعيننا ويتكرر المشهد، ولا أحد يتدخل لضبط السوق، وكشف الإشاعات.
الكثير من الأسواق الدولية الناشئة تعمد إلى إطالة دورة الصعود والهبوط، وإضعاف القدرة التأثيرية الخطرة على صغار المساهمين، وأحيانا تضع ضوابط تحول دون افتراس صغار المستثمرين بقوة، غير أن الأمر يتوقف دائما على الوعي، والمعرفة الاقتصادية، ومتابعة نشاطات السوق المالية، والأداء الاقتصادي العام للدولة والظروف الاقتصادية العالمية ذات التأثير في اقتصاد الوطن، فسوق المملكة ولله الحمد ينعم باستقرار سياسي واقتصادي آمن ومستقر.
وعليه فإن موجة التصحيح التي حدثت في السابق بعد انخفاض أسعار النفط، وتباطؤ الاقتصاد العالمي والذي أوشك على الركود، وكاد أن يتسبب في تدهور سوق الأسهم السعودي بشكل كبير، وهذا يؤكد أن الإشاعات أصبحت تلعب دوراً كبيراً في تحسنه، أو تدهوره، مما أثر على سوق الأسهم، لأن الصعود الحاد سيليه هبوطا حادا، والعكس كذلك، وهذا ليس في مصلحة سوق الأسهم.
لذا من مسؤولية هيئة سوق المال متابعة السوق، ويحق لها أن تتخذ كل الإجراءات والأنظمة والقوانين التي تحمي السوق، وتضمن حماية أموال المستثمرين، وعدم السماح بالهبوط أو الصعود غير المبرر، ووضع الضوابط لتحول دون فعل وتأثير الشائعات، ويفترض التدقيق بالقوائم المالية وبعض الممارسات الخاطئة من بعض الشركات، والذي من شأنه أن يضعف الثقة في سوق الأسهم السعودي، وخاصة عند قدوم ودخول المستثمر الأجنبي إلى السوق السعودي.
نحن على ثقة أن الأمير محمد بن سلمان وهو يترأس أعلى هيئة اقتصادية في الحكومة سيكون له دور كبير وإيجابي في ترسيخ العملية المؤسساتية لصالح الوطن والمواطن، ومواجهة الشائعات ومحاسبة من يطلقها ويقف وراءها، ووضعهم على القائمة السوداء، ويجب أن يعرف الجميع أنه لا يمكن أن يكون هناك عدل إذا كانت هناك فئة من المستثمرين مستفيدة، وأخرى محرومة من المعلومة الصحيحة، ويفترض معاملة الجميع بمعيار واحد بدلا من الغموض الذي كان يحصل في السابق.