محمد بن عيسى الكنعان
«رأيتم أن الدولة التي ساعدت شعوب العراق وسوريا ولبنان واليمن لمواجهة المجموعات الإرهابية هي جمهورية إيران الإسلامية»، هذا ليس تقرير مراقب سياسي مخدوع بالسياسة الإيرانية، ولا حديث محلل سياسي انتفخ حسابه البنكي من الدولارات الصفوية، وليس مثقفاً شيعياً متطرفاً قادم من الضاحية الجنوبية؛
ليبرر على قناة (الجزيرة) عبر الاتجاه المعاكس عربدة جمهورية الخميني في منطقتنا العربية.
بل هو تصريح الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي يوصف بـ(المعتدل) في الإعلام الغربي، وذلك ضمن خطابه الذي ألقاه يوم الأربعاء، 11 فبراير 2015م، أمام حشد كبير في العاصمة طهران، بمناسبة الذكرى السادسة والثلاثين للثورة الخمينية، حيث أكد أن بسط السلام والاستقرار واستئصال الإرهاب في الشرق الأوسط، يمر عبر إيران. وهذه المرة الأولى التي يكشف فيها رئيس إيراني بطريقة مباشرة عن دور بلاده في الأوضاع الدموية والاضطرابات السياسية، التي تمر بها أربعة بلدان عربية هي: العراق وسوريا ولبنان واليمن، فضلاً عن الجمهورية اللبنانية التي لم يذكرها روحاني على اعتبار أنها أصبحت في المجال الإيراني؛ بفضل (حزب الشيطان)، الذي صنع من نفسه دولة داخل دولة.
اللافت في تصريح روحاني ليس ذكر تلك البلدان العربية (السنية)، التي سقطت باليد الإيرانية، بمنطق أكذوبة محاربة الإرهاب، التي أطلقها جورج بوش الابن العام 2001م، ولا زال العالم يعيش نماذجها في الإرهاب الصهيوني والإرهاب الصفوي، والإرهاب الداعشي، أقول اللافت في ذلك التصريح؛ هو ذكر (اليمن) في القائمة. فقبل أن يدخل اليمن نفق الحرب الأهلية بانقلاب الحوثيين على العملية السياسية التوافقية، لم تكن إيران تتحدث عن اليمن، ولم تكن تصرح بدعمها للحوثي. بل لم تكن تربط دورها في اليمن بمسألة محاربة الإرهاب كما تفعل في سوريا، وفعلته سابقا في العراق.
غير أن المعادلة اختلفت، فعندما كانت الحركة الحوثية في بداية إرهابها وممارسة نشاطها العسكري، رغم وجود حكومة مركزية وجيش وطني، كانت إيران على ألسنة قادتها تنفي كل التقارير السياسية والأخبار الإعلامية التي تشير إلى ضلوعها في دعم الحوثيين، مع أن هناك مثقفين وإعلاميين إيرانيين كانوا يتباهون بـ(الثورة) الحوثية، كمحمد صادق الحسيني المقرب من القيادة الإيرانية الذي قال صراحة على قناة (الميادين) المقربة من ما يسمى (حزب الله): نحن أسياد المنطقة العربية، فنحن نحكم أربع عواصم عربية.
اليوم لم يعد الأمر يحتاج إلى ممارسة الحربائية السياسية، التي تجيدها القيادة الإيرانية، خاصةً في ظل التقارب الإيراني - الأمريكي، لهذا كان خطاب روحاني واضحاً بدور إيراني محوري في اليمن، بدلالة أن المقار والهيئات الأمريكية لم تمس من قبل الحوثيين عندما قاموا بانقلابهم، ومن ثم إعلانهم الدستوري. كما تطور الأمر إلى وصول خبراء إيرانيين إلى صنعاء لمساعدة الحوثيين، الذين سيطروا على الجيش اليمني، ومفاصل الدولة، ولم يبق لهم إلا أن تخضع أو تقبل الأحزاب اليمنية الكبرى كالناصري والإصلاح بواقعهم السياسي، على اعتبار أن حزب علي عبد الله صالح مشارك بطريقة غير مباشرة بدعم الحوثيين، نكاية بالثورة اليمنية التي تسببت في إبعاده عن الرئاسة، أو على الأقل إكمال فترة حكمه.
في المقابل يقول جمال بن عمر مبعوث الأمم المتحدة إن الأطراف السياسية اليمنية قد توصلت إلى اتفاق على مجلس انتقالي يمثل كل الأطراف، لكنه في ذات الوقت يصف الاتفاق بالمقترح غير النهائي، والسبب أن ميزان القوى على أرض الواقع اليمني غير متكافئة، كونها ترجح لصالح الحوثيين وأتباع علي عبد الله صالح. خصوصاً أن الحوثيين يسيطرون على سلاح الجو اليمني. فضلاً عن التغول الإيراني الآن في ظل غياب عربي، وهو ذات السيناريو الذي تم في العراق. لهذا تضاف الجمهورية اليمنية إلى قائمة التحديات التي تواجه العرب والخليج تحديداً بعد أن كشفت الصفوية عن وجهها الإرهابي وهي تزعم محاربة الإرهاب.