يقول صاحبي المختص في إعلام الإذاعة والتلفزيون، إن من شروط المذيع التلفزيوني، إلى جانب تطبيق معايير المهنية والالتزام بالموضوعية؛ أن (تحبه الكاميرا)، وبالذات على مستوى اللغة، والهيئة الخلقية، والصوت، ولغة الجسد.
لذلك تستطيع بسهولة أن تحدد المذيعين الناجحين أو المميزين على مستوى عالمنا العربي بقنواته التلفزيونية، التي تملأ الفضاء وكأنها نجوم سيارة، خاصةً بعد أن ازدحمت منصات نشرات الأخبار، واستوديوهات البرامج الحوارية بآلاف المذيعين والمقدمين، سواءً من محترفين، أو هواة، أو من لا يجد وظيفة، أو من يبحث عن الأضواء الإعلامية، فتشكلت في المشهد العربي ظاهرة (الإعلاميين المتحولين)، الذين يتنقلون بين مجال إعلام وآخر.
السعوديون الذين يعملون في ميادين الإعلام، وبالذات الصحافة تأثروا بهذه الظاهرة حتى صاروا من روادها، فتسمع عن كاتب رأي كان ضيفاً دائماً في أحد البرامج التلفزيونية، قد أصبح مذيعاً لأحد الحوارات على شاشة إحدى القنوات الفضائية، وتستغرب اختفاء اسم نائب رئيس تحرير من ترويسة إحدى الصحف، فتجده معروضاً في مقدمة برنامج تلفزيوني، ومثله رئيس تحرير مجلة، أصبح يطل من إحدى الشاشات وهو يدير برنامجاً لا تستطيع تصنيفه! وتقرأ عن كاتبة رأي مثيرة تحولت إلى مقدمة برنامج أسبوعي، والأمثلة كثيرة.
الإشكال ليس في تحول المحرر الصحافي، أو كاتب الرأي إلى مقدم أو مذيع تلفزيوني، أو العكس بأن يكون المذيع التلفزيوني كاتب رأي، وله زاوية، أو عمود في إحدى الصحف المحلية أو العربية، وهو لا يفرق بين (الظاء والضاد). إنما الإشكال أن الظاهرة صارت (موضة) لكل من يبحث عن الأضواء، أو يريد أن يكون مدار حديث الوسط الاجتماعي. ثم يأتي بالطامات عندما يناقش قضايا فكرية، أو يطرح مشاكل اجتماعية فيأتي برأيه الشخصي، ويتبنى موقفه المؤدلج تجاه تيار أو فئة معينة في الساحة المحلية. فيكون كمن نقل حوارات الجدل العقيم من مستوى الحرف إلى الصوت والصورة. دون أن نخرج بنتائج حقيقية تحل مشكلة أو تنهي قضية، إنما مزيد من الصخب الاجتماعي واللغط الفكري مقابل الحصول على تسويق إعلاني، أو رعاية إعلامية.
لهذا أصبحت تلك البرامج التي يتصدرها الإعلاميون المتحولون خالية من القيمة الفكرية، أو المعرفة، إنما جدل بيزنطي أو معلومات مكررة.