إبراهيم عبد الله العمار
سؤال لا يخطر كثيراً على البال. ربما لأن الكذب جزء من عامة البشر، ولن يزول إلا في الجنة التي من نعيمها أن ليس فيها إلا الصدق والنزاهة، لكن رغم ذلك دعونا نتخيل ما يمكن أن يحدث إذا اختفى الكذب:
- ستستمر الكثير من الزواجات التي أفسدها الكذب، وسيخرج للدنيا أناس جدد من رحم زواجات قتلها نقص الثقة .. أطفال كان مكتوباً عليهم العدم وأن لا يوجدوا، والآن كُتِب لهم الوجود. ماذا ستكون أسماؤهم وأشكالهم؟ ماذا كانوا سيفعلون؟ هل كانوا سيصبحون من العلماء الربانيين الذين يربّون الأمم؟ أو علماء دنيويين يخترعون شيئاً يغير حياتنا للأفضل؟ هل كانوا سيتجهون للأدب فينثرون النصوص البليغة وينظمون الأشعار البديعة؟
- سيتحسن حال الكثير من الفقراء الذين يحتاجون المال لكن يُحرمون منه لأن الناس يظنونهم نصابين، والنصابون كثيرون اليوم ممن يستغلون طيبة الناس، فكيف بعض الناس عن إعطاء أي سائل خشية أن يكون كاذباً، لكن لو اختفى الكذب لما نصب النصابون ولاغتنى الكثير من المساكين بفضل صدقات أهل الخير، ولجاءهم ما يحتاجونه من غذاء ودواء وكساء.
- ستختفي مِهنٌ كاملة أو تقلّ، مثل العقود، حيث لن يتنازع الطرفان وسيكتفيان بالاتفاق الشفهي القائم على حسن النية، فلا مجال الآن للكذب والتراجع في زمن الصدق. أيضاً ستزول أقسام مثل تدقيقات الزكاة والمالية التي تدقق في الشؤون المالية للمنظمات لكشف الاختلاسات، فلن يكذب الناس ويغيروا الأرقام ليخفوا سرقاتهم.
- سيكون الإعلام ذا قيمةٍ حقيقية، فالإعلام اليوم مليء بالكذب، ومن ذلك التلفاز والصحف والكتب والمجلات والإنترنت والرسائل النصية ومواقع التواصل الاجتماعي والمبثوثات الرقمية («برودكاست») والإيميلات إلخ. الآن لا يجب التثبّت، فكل شيء مكتوب أو مسموع أو مشاهد .. صادق.
- ستتلاشى سلع كثيرة لا تَرُوج إلا بالكذب، فالسجائر مثلاً ستختفي لأن الصانعين لن يكذبوا على الناس كما يفعلون اليوم، فشركات السجائر منذ البداية تحارب كل دراسة طبية أظهرت أن التدخين مدمر للإنسان، ولا زالت إلى اليوم تحارب كل منظمة طبية وخيرية أو حتى حكومية تريد منع التدخين أو حتى مجرد التحذير منه، ولشركات التبغ آلة إعلامية هائلة مهمتها الكذب ليلاً ونهاراً لحث الناس على التدخين.
- هذا يقود إلى شيء آخر وهو أن الكثير من الناس الذين كُتِب عليهم الموت بسبب التدخين وأمراضه سيعيشون (أمراض مثل السكتة القلبية، والجلطة، والسرطان، والتي تقتل المدخنين كل يوم) .. هؤلاء الناس تَغيّر قدرهم عندما تغيّرت قراراتهم، وسيحيون اليوم سنيناً كثيرة بإذن الله، بعضهم سينتج الكثير من النفع لأمتهم.
ليت الكذب يزول. إنه عالمٌ جميل مريح للبال لو كان بلا كذب. ليت!