العقيد م. محمد بن فراج الشهري
عبر عصور التاريخ المتعاقبة قديما وحديثا، لم يحدث مثل ما يحدث الآن على الساحة الدولية من صراعات دموية هائلة ومخيفة، ولعل السياسات التي تنتهجها بعض الدول الكبرى قد ساهمت إلى حد كبير في تهيئة البيئات المختلفة لوجود جماعات وأحزاب شغلها الشاغل الدمار والهلاك والتعذيب، لأهواء أيديولوجية وسياسية خطط لها بكثير من المكر وانعدام الحس الإنساني، والأخلاقي، ولا يستبعد أن يكون تنظيم داعش أحد تلك الصنايع (القذرة) على مستوى العالم.
لقد انكشف هذا التنظيم وظهر جليا واضحا للعالم اجمع أن لا علاقة بينه وبين الإسلام، إذ إن الإسلام الذي يدعيه هذا التنظيم ما هو إلا غطاء استخدمه هذا التنظيم الإجرامي الخارج عن إطار الإنسانية ليعبث بسمعة الإسلام، صوره على أنه دين قتل وإجرام قبحهم الله، هؤلاء عصابات الشر والزندقة والإلحاد وهم خوارج العصر الذين تمت زراعتهم في المنطقة العربية ليعيثوا فيها فساداً، وليكونوا قرامطة القرن الحادي والعشرين، بل والأسوأ في تاريخ البشرية .
ما حصل في الأيام الماضية من جريمة إحراق الطيار الأردني الكساسبة أوضح بصورة جلية لا تقبل الشك أو التأويل مدى العفن الفكري والجرم المقصود والاستهتار بالنفس البشرية في صورة لم يمر مثلها على العالم ولم نر أشنع أو أقبح أو أسوأ منها، لا يرتكب مثل ذلك الجرم أناس يعرفون الله أبداً ليس لهم علاقة بدين ولا برب، وليس لديهم وازع من أي نوع، هكذا تصورهم أعمالهم أنها بحق جريمة العصر، والمخزي بل والعار للذين يحاولون أن يجدوا تبريراً لأفعال هذه العصابة، وهؤلاء هم الذين توّهوا شبابنا وأعموا عيونهم عن الدين الصحيح وصّوروا لهم داعش بأنها دولة الخلافة والإسلام، وأنها تحارب لإعلاء كلمة الله في أرضه والحاصل هو العكس تماماً، فهم أعداء الله في أرضه وهم أعداء البشرية والإسلام بريء منهم وممن يساندهم فما تقوم به هذه العصابات من أعمال لا يقرها المولى سبحانه وتعالي ولا الأديان السماوية، ولا تقره كافة الدساتير الدولية، ولا الحكومات ولا الشعوب إن ما تقوم به هذه الشرذمة هو عمل شاذ وخارج عن جميع الأعراف، ثم من الكذب وعدم الحياء من الله ومن خلقه الإفتاء بجواز حرق الكساسبة، لعنهم الله بما يفترون، وقد أكد أمين عام مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف الدكتور محي الدين عفيفي أن سيدنا أبا بكر رضي الله عنه لم يقتل أحداً بالحرق كما استندت داعش في فتواها الباطلة لقتل الطيار الأردني حرقا ً واصفاً هذه الرواية بالباطلة والمفتراة، وداعش ارتكبت جرائم بشعة لا يتصورها عقل ولا يتحملها المجتمع، فقد رأينا أمثلة عدة مثل تلك الجرائم، فداعش ومن شاكلها أعداء للإسلام وللدين الإسلامي ولكل مسلم وللبشرية جمعاء، ويجب مواجهة هذا التنظيم عسكرياً ومنهجياً وإنسانياً وفكرياً وإعلان الحرب عليه وعلى من والاه حتى يُقضى عليه، لأنه باستمراره يسبب كوارث لا حصر لها للإسلام والمسلمين والبشرية جمعاء، والله سبحانه سيأخذ حقه من هذه العصابة وما شاكلها وهو العزيز المقتدر.. وسترون ذلك قريباً بإذن الله.