كما أبهر العالم أجمع في حياته بمواقف تجاوزت حدود الكلمات والتصريحات، أبهرت وفاة الملك الصالح عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله العالم أجمع بذات الدرجة، صحيفة الديلي تلغراف البريطانية وضعت صورة قبر الملك عبدالله محاطاً بالبسطاء وهم يتحلقون على القبر المتواضع الذي ضم جسده المثقل بهموم وطنه وأمته والعالم معنونة الصورة بأن هذا القبر البسيط يضم أحد أهم وأقوى الزعماء في العالم!
عشر سنوات إلا شهرين أو دون ذلك كان عبدالله بن عبدالعزيز الإنسان يقترب من قلوب الناس أكثر فأكثر، وبعيداً عن كل ما سطرته صحف العالم وما تحدث به كبار العالم من زعماء ومسؤولون.. كانت مرارة الفقد تجري على وجوه الأطفال فتجري الدموع وتنطلق الآهات عفوية في كل مكان.. فقد مات عبدالله الإنسان.
مئات المقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي لأطفال وعجائز لم تنقلها القنوات الفضائية تعبر بعفوية عن حجم الألم في وفاة عبدالله بن عبدالعزيز، مشاعر بسطاء يبكون لفقد والدهم الذي لم يلتقوه يوماً ولكن قلوبهم امتلأت بعطفه ومحبته التي تشع من عينيه الصادقتين..
عبدالله بن عبدالعزيز ورقة طاهرة احتضنت الجميع فسطروا فيها أصدق وأنبل مظاهر الوفاء والولاء دون تكلف أو تصنع.. ليتك اليوم أيها الملك العادل تراهم وهم ينظرون إلى أخيك سلمان الذي حمل راية هذه المحبة واستودعها قلبه ليكمل مسيرتك المباركة..
قد تكون المملكة العربية السعودية هذا الوطن الشامخ الذي جمع شتاته المؤسس الراحل عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل طيب الله في عيون الأباعد منجم النفط الذي يحرك الاقتصاد العالمي من المحيط إلى المحيط، لكنه في نظر أبنائه كباراً وصغاراً منجم الرجال الذين صنعوا التاريخ وتوارثوه محبة وعطاءً وإخلاصًا..
قبل أيام كنت أتحدث مع الصديق الدكتور صلاح البخيت نائب رئيس هيئة السياحة والآثار حول رحيل الملك الصالح عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله وتحدث لي عن تاريخ الملك الحارث الرابع ملك الأنباط الذي شهد حكمه ازدهاراً كبيراً ومحبة كبيرة له في قلوب شعبه الذين بادلهم المحبة حتى نحت على قبره عبارة الملك المحب لشعبه، تذكرت تغطية صحيفة الديلي تلغراف البريطانية وانبهار العالم بقبر عبدالله البسيط الذي ترجم تمسك هذه البلاد وقادتها وأهلها بالسنة النبوية القويمة بعدم تعظيم القبور والبناء عليها وإقامة مظاهر الإجلال حولها، قلت لصديقي الدكتور الذي وافقني الشعور: لقد نحت عبدالله في ضمائر وقلوب الجميع عبارة عبدالله المحب لشعبه وليس في الحجر وستتناقلها الأجيال وتتعاهد ذكراها.. رحمك الله أيها الملك الصالح العادل عبدالله بن عبدالعزيز وجزاك عنا وعن أمتك خير الجزاء.. نشهد الله على حبك ونحمد الله أن عوضنا بفقدك أخاك المحب العادل الإنسان سلمان..