لا تتطور الأمم إن سارت على وتيرةٍ واحدة، لذا فإن التغيير يُعتبرُ مطلبًا أساسًا إذا ما كان قياسًا على الخبرات لتلافي العقبات والعمل على الأداء الأفضل. وبما أن التعليم يُعدُّ أهم الملفات التنموية؛ فإن سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وضعت نُصب عينيها الرُّقي بأبناء الوطن، ذلك وفق الإمكانات والمعطيات لكل عصر.
ومنذ أن أُنشئت وزارة المعارف إلى أن سُميَّت وزارة التربية والتعليم وهي تعمل بشكلٍ متوازٍ مع وزارة التعليم العالي بعد إنشائها. وقد تحققت مكاسب عدَّة في هذا المجال، فكانت القفزات خلال مراحل عدَّة مشهودة وواضحة. ولكن لكل مرحلةٍ ظروفها، لذا كانت فترة فصل الوزارتين: التربية والتعليم العالي؛ تُحقق أهدافًا معينة.
ومن خلال الأوامر الملكية الأخيرة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، ومن ضمنها دمج وزارتي التربية والتعليم العالي في وزارة واحدة ليكونَ هذا القرار خطوةً تتبعه خطواتٌ في صِناعة الإنسان وبنائه بناءً دينيّاً وخلقيّاً وعلميّاً ومِهنيّاً وإعدادِ المواطنِ السعودي إعداداً يرفد من خلاله سوق العمل، فيزداد الإنتاج، وتتحقق مسيرة التطوير. فإذا كان الملوك الأوائل - رحمهم الله - سعوا لاستثمار الثروات الجغرافية الوطنية فإن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - أيّده الله - يسعى في استثمار الإنسان السعودي؛ حيث لا استثمار أعظم من استثمار الإنسان وتحفيز قدراته لاستخراج طاقاته الكامنة ليكون ذلك الإنسان الجديد المُنتِج المبدِع.
إستراتيجية سلمان ورؤاه المستقبلية
لا يشكُّ أحدٌ في المملكة العربية السعودية بحُسْنِ إدارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وبسياساته الرشيدة منذ أن كان أميراً لمنطقة الرياض ثم وزيراً للدفاع. لذلك فالقرارات التي تنبع من تلك الشخصيَّة لا تنطلِق إلا من حسٍّ إداريٍّ ونظرةٍ ثاقبة ورؤية مستقبليةٍ تستشرف الحاضر بكلِّ ما فيه من ظروف وتغيرات، فتضع استراتيجيةً واضحةً للوصول إلى مستقبّل مشرقٍ للوطن والأمة.
ومن تلك الرؤية الشمولية جاء قرار الدمج في وزارة التعليم. كما أن اختيار معالي الدكتور عزام بن محمد الدخيل ليكون وزيراً للتعليم، يؤكد أنه الرّجل المناسب للمكان المناسب من خلال تجاربه الإدارية السابقة، وبما يمتلكه من خبراتٍ علمية تلقّاها في الداخل والخارج، وما اكتسبه أكاديميّاً من ممارسته في الجامعات المختلفة، حيث يرى فيه خادم الحرمين الشريفين الرجلَ الكفْء المؤهَّل لإدارة تلك المؤسسة التعليمية الكبرى، التي أصبحت أحد أضخم الوزارات.
وعلى الوزير الجديد مسؤولياتٌ جمَّةٌ لتنفيذ السياسة التي وضعها الملك سلمان، ذلك بتوحيد القرار التعليمي بمراحله المختلفة فيُسيِّرها قرارٌ وسياسةٌ واحدة بلا ارتجالٍ في القرارات أو عشوائيَّةٍ في العمل.
إنَّ الرؤية الملكية في مجال التعليم تتجلَّى في إنشاء جيلٍ جديدٍ مستفيد من خبرات الدُّول الأوربية في التعليم التي استطاعت رفد مجتمعاتها بالأيدي العاملة المبدِعة الخلّاقة من خلال التوائم بين المدارس والجامعات وسوق العمل مع مراعاة ميول الطلاب وسدّ حاجات المجتمع بآنٍ واحد، فكانت العملية تكامليةً بين المدارس والجامعات ومؤسسات الإنتاج بحيث أصبحت كلًّ جهة تكمل الأخرى وتلبي جوانب النقص فيها، إذ لا يمكن فصل المجتمع عن بعضه؛ بل هو وحدةٌ عضويّة متناسقة تسيّره سياسةٌ واحدةٌ وإدارةٌ واحدة. وهذا ما تطمح إليه القيادة السعودية، وهذا الطموح لا يأتي من باب التقليد فحسب؛ وإنما للاستفادة من تجارب الآخرين بما وصلوا إليه من أجل البناء عليها وتعديلها بما يناسب المجتمع العربيّ المسلم المحافظ على أصالته والمعتزّ بتراثه، وتطويرها تطويراً متميِّزاً لتكون المملكة العربية السعودية الرائدةَ في هذا المجال.
من مرحلة الاتِّقاد المعرفي إلى الإشعاع الحضاري
شهدت المملكة العربيَّة السعودية في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله - ثورةً هائلةً في مجال التربية والتعليم بجميع مراحله الأساسية والمتوسطة والثانوية والجامعية، إذ واكبت الانفجار المعرفيَّ الهائل فاستطاعت التحكّم فيه، وطوَّعته لخدمة قطاع التربية والتعليم فكانت أحدث وسائل التعليم، وتطوَّرت المناهج بما يخدم العصر الجديد، وارتقت طرائق التدريس وأساليب التقويم، وغدت التقنيّة عنصراً بنَّاءً فاعلاً، استُثْمِرت خير استثمار، فكانت عامل بناءٍ للمجتمع لا أداة هدمٍ فيه. فانتشر العلم، وامتلأت المدارس، واكتظَّت الجامعات، وتحسَّنت المخرَجات العلمية في المؤسسات التعليمية بجميع مراحلها، فكان ذلك العهدُ عهدَ اتِّقادٍ معرفيٍّ في بقعة جغرافيةٍ شاسعة ممتدِّة من البحر إلى البحر، وغدى الوطن رياضاً تنبتُ فيها أطايب أنواع المعرفة.
ومن هنا غدت المملكة العربية السعودية بلادَ إنتاجِ للمعرفة. إذ حان الوقتُ لاستثمار ما تمَّ زرعُه، وستصبِح تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان المُنْتجاتُ التعليمية قادرةً على الارتقاء والتطوُّر والتطوير من خلال التجارب العلمية التي ستكون مثالاً - إن شاء الله - تحتذيه دول الخليج المجاورة، والدُّول العربية الأخرى، بل حتى على المستوى الدُّولي أجمع. فإذا كانت دمشق عاصمة الأمويين مركزَ الحضارة مع بداية العهد الإسلامي، ثم أصبحت بغداد عاصمةً الفكر والمعرفة في عهد الدولة العباسية، وكذلك كانت مدينةُ القاهرة أمَّ الدنيا في فترات مختلفة قديماً وحديثاً، فإنَّ الملك سلمان يتطلَّعُ إلى جَعلِ مدينة الرياض مركزَ إشعاعٍ حضاري، تنهلُ منها الأممُ الأخرى شتَّى أنواع العلوم والمعرفة مستفيدةً من تجارب المملكة العربيَّة السعودية الرَّائدة في هذا المجال.
بين تجربتين مختلفتين
إنَّ دمج وزارتي التربية والتعليم العالي بوزارةٍ واحدةٍ ليس أمراً جديداً على مستوى الدُّول؛ ولكنَّ خصوصيّة التنفيذ وتطوير الفكرة سيكون العنصر الفعَّال في مفاجأة الجميع؛ بحيث تكون جديدةً كلَّ الجِدَّة، ولا أستبعد أن تسير الدول الأخرى على منوال المملكة وتستفيد من تجربتها، وذلك في حال نجح المعنيُّون فيها والمشرِفون عليها في حُسْنِ تنفيذها وسلامة تطبيقها.
وسنورد في هذا السياق تجربتَيْن مختلفتين إحداهما لدولة عربية شقيقة، والثانية لدولة أوروبيَّة صديقة. ثُمَّ نوازن بين التجربتين مبيّنِين خصوصية التجربة في بلادنا مع الاستفادة من تجارب الآخرين.
فجمهوريَّة لبنان الشقيقة قد دمجت وزارة التربية مع التَّعليم العالي تحت مُسمَّى «وزارة التَّربية والتَّعليم العالي» ويرأس الوزارة حالياً الوزير إلياس أبو صعب. ومع ذلك لا يُمْكِن أن نعدَّ التَّجربة اللبنانية رائدةً في هذا المجال لأسباب عديدة نذكر منها:
إنَّ لبنان دولةٌ قائمة على التوازن الطَّائفي، وعدد الوزارات محدَّدٌ، وتكون بالمناصفةً بين الطوائف، مما يجعل من الصعوبة زيادة عدد الوزارات أو تقليلها لصعوبة تنظيم عمليَّة المحاصصة التي تجري ضمن المذاهب المتعدِّدة داخل كلِّ طائفة كبرى ومراعاة إدخال الأقليات في الحكومة، كذلك مع الصراع الحزبي بين الأحزاب والتيارات السياسية المختلفة حتى ضمن الطائفة الواحدة بل ضمن المذهب الواحد.
نضيف إلى ذلك قلَّة الإمكانات مع أزمة الديون التي تعيشها البلاد، ومشاكل الوزارة الدائمة مع المعلِّمين ونقاباتهم المطالِبة بتثبيتهم وزيادة معاشاتهم وتحسين ظروف عملهم وتأمين مستقبلهم من خلال معاشٍ تقاعدي مناسب.
فدَمْجُ وزارتي التربية والتعليم العالي بوزارة واحدة في لبنان جاء بحكمِ الضرورة والاضطرار أكثر من مجيئها فِكرةً للتطوير والإنتاج المعرفي. حيث نظام المحاصصة والتَّوفير في النفقات يغلبان على فكرتي التطوير والإنتاج.
ونحن لا ننكر أنَّ النظام التعليمي في لبنان مأخوذٌ من النِّظام التعليمي في فرنسا - حيث النموذج الثاني الذي سنورده- ولكنَّ تطبيق التَّجربة في فرنسا يختلف تماماً عمّا عليه في لبنان.
ففي الوزارة الفرنسية الحالية تحت مُسمَّى وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث، وترأس هذه الوزارة حالياً الوزيرة نجاة فالو بلقاسم وهي تنحدر من أصول مغربيّة مسلمة. ومن التسمية نلاحظ دمج قطاعي التربية والتعليم العالي بوزارة واحدة. وبالرَّغم من أنَّ عدد الوزارات في فرنسا غير محدَّد بل يختلف من حكومة إلى أخرى، انطلاقاً من متطلَّبات المجتمع واحتياجاته فقد سعت الدولة الفرنسيّة إلى ذلك الدَّمج، فالتعليم واحدٌ سواءً كان في المراحل العمريّة الدنيا أو في المراحل العليا، وبناءً على ذلك يجب أن تكون إدارة التعليم واحدة في جميع تلك المراحل. ولكنَّ اللافت للنَّظر أنَّ في الحكومة الفرنسيّة نجد فيها أيضاً وزير الدولة للتعليم العالي والبحث. وقد يظنُّ البعض أنَّ عملَ هذه الوزارة منفصلٌ عن وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث أو يستغرب من وجود وزارتَيْن تحملان العنوان ذاته «التعليم العالي والبحث»، وبناءً على هذين الأمرين فوزير الدولة للتعليم والبحث العلمي هو وزير دولة وليس الوزير الأساس للتعليم العالي الذي يقع تحت إدارة السيدة بلقاسم وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث. وكثيراً ما نرى في العديد من البلدان مسمَّيَيْ «وزارة الخارجية» و»وزارة الدولة للشؤون الخارجية» في الحكومة الواحدة؛ لكنَّ عمل الوزارتين مختلفٌ بآن ومنسجِمٌ بآن معاً، يتحكَّم بذلك التقاطع الأكيد بين الوزارات المختلفة وسياسة الحكومة التي تدير تلك الدولة. إذن، فالوزارة التي تديرها السيدة بلقاسم هي التي تحدِّد وتنظم قطاعي التعليم بجميع مراحله الدنيا والعُليا. لكنَّ المميَّز في التجربة الفرنسية أنَّ كِلا الوزارتين تعملان ضمن فريق واحد منسجم تماماً، فإذا كانت وزارة التربية الوطنية تدير المؤسسات التعليمية بمراحلها المختلفة وتنظّمها، وتسعى في تطويرها فإنَّ وزارة الدولة للتعليم العالي تقوم بالربط بين حاجات المجتمع ومتطلباته ووزارة التربية الوطنية، فعلى أساس تلك الحاجات والمتطلَّبات وفي سبيل تطوير أدوات الإنتاج تتحدّد سياسة وزارة التربية الوطنية وتسعى لتلبية ما يطلبه المجتمع. وكذلك في الاتِّجاه الآخر، فإنَّ الأبحاث العلمية التي تعدُّها المؤسسات التعليمية تنزل مباشرة إلى سوق العمل للتنفيذ من خلال وزارة الدولة للتعليم العالي والبحث العلمي.
وهذان النموذجان: اللبناني، والفرنسي، مختلفان تماماً وقد بيَّنا دوافعهما وشرحنا بإيجازٍ مسوِّغاتهما، وإذا ما انتقلنا إلى تجربة الدمج في المملكة العربية السعودية سنجد أنَّ التجربة السعودية فريدةٌ فهي لا تقلِّد على سبيل المثال التجربة الفرنسية الناجحة وإن كانت تسعى للاستفادة منها؛ لذلك كانت تسمية الوزارتين بعد الدَّمج بـ»وزارة التعليم» إذ لا فرق بين تعليم وآخر سواءً أكان ابتدائيّاً أو عالياً، ومن هنا تأتي فَرودة التَّجربة السعودية إذ تحاول رسمَ خطٍّ مستقلٍّ لها فريدٍ بنوعه مستفيدةً من تجارب الآخرين في هذا المجال.
واقع الدَّمج بين التربويين وأصحاب التّعليم العالي
لقي قرارُ الدَّمج ترحيباً عند كلٍّ من التربويين والعاملين في قطَّاع التعليم العالي؛ وذلك لأنه غدا ضرورةً ملحَّة فرضتها حاجات المجتمع؛ لكنَّهم في المقابل تجاذبوا فيما بينهم أسباب ذلك القرار وبدأ كلُّ طرفٍ يشدُّ الحبل لصوبه رامياً الآخر بمسؤولية التقصير أو التخبُّط في العمل.
فالتربويُّون يرون أنَّ القرار سيحسِّن مخرجات التعليم، من خلال نقلة ٍ نوعيَّةٍ في تطوير المناهج، كما يسعى إلى استثمار طاقات الطلاب ذكوراً وإناثاً من خلال توفير البيئة التربوية والتعليميَّة المناسبة؛ حيث ستكون هناك وزارةٌ واحدةٌ فتصبح الجامعات في خدمة المدارس وأبنائها، كما سيساهم القرار إلى الارتقاء بالمعلمين والمعلمات عن طريق دورات تعدُّها الجامعات لهم بحسب الاختصاص والمتطلّبات والمتغيِّرات. ومع ذلك فقد وضعوا بعض اللومَ على المؤسسات الجامعية التي لم تسعَ إلى تطوير قطاع التربية من خلال تطبيق الأبحاث العملية والميدانية التي أجراها خرّيجو الماجستير والدكتوراه وغيرها من الأبحاث المختلفة التي بقيت حبيسة المكتبات الجامعية. فالتربويُّون فيما نرى يحمِّلون الجامعات السعودية بشكلٍ أو بآخر المسؤولية في سبب الهوَّة بين التعليم العام والتَّعليم الجامعي إذا قصَّرت الجامعات في عملية تطوير أداء المعلمين والمعلمات كما أنها أخفقت في تطبيق أبحاثها على الأرض في ميدان المدارس بمختلف مراحلها.
ولا تختلف نظرة أصحاب التعليم العالي عن نظرة نظرائهم التربويين في أنَّ القرار سيساهم في تحسين المخرجات العلمية بما يلائم حاجات المجتمع، ويسد متطلبات سوق العمل، وأنه سيسعى إلى ردم الهوّة بين التعليم العام والتعليم العالي، وتنظيم التعليم مما يساهم في تطويره وتحديثه. وفي المقابل يحمّل هؤلاء التعليمَ العام مسؤوليّةَ ضعف مخرجاته التعليميَّة؛ مما أدّى إلى اضطرار الجامعات لإنشاء برامج السنة التحضيرية لإعداد الطلاب من جديد إعداداً مهاريّاً وعلميّاً.
وفي الواقع أنَّ كِلا النظرتين صائبةٌ؛ حيث إنّ كُلّاً منهما يكمّل الآخر. ومن هنا جاء القرار الحكيم الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين بدمج الوزارتين في وزارة واحدة. إذ ستكون السياسة واحدة والرؤية موحّدة وسيغطّي كلُّ قطاعٍ جوانب النقص في الآخر.
الجوانب الإيجابيّة للدَّمج والرؤى المستقبلية
إنَّ قرار الدَّمج جاء بناءً على حاجة المملكة العربية السعودية في سعيها لتأمين فرص العمل لمواطنيها، وذلك من خلال إعدادهم إعداداً مهنيّاً وأكاديميّاً للحدِّ من ظاهرة البطالة، وليكونوا عنصراً فعّالاً في بناء المجتمع والحدِّ من ظاهرة العمالة الأجنبية التي باتت تنافس المواطن السعودي في فرصة العمل. وحينها سيتم استيعاب الشباب السعودي في القطاعات العامة والخاصة.
ومن تلك الرؤية التي تسعى إليها الحكومة السعودية على المدى القريب فإنَّ هذا سيتم عن طريق تطوير أداء المؤسسات التعليمية وأخذ دورها الفاعل في المجتمع عن طريق إعداد المعلمين وتطوير إستراتيجيات التدريس وطرقه من خلال إرسال المعلمين في بعثات إلى الدول المتقدّمة للاستفادة من آخر ما توصّل إليه العلم وإلى الاستفادة من تجارب الدول المختلفة في قطاع التعليم. وأما على مستوى الطلاب فإنه سيتمُّ الأخذ بأيديهم وتنمية ميولهم وتوجيههم إلى ما يُناسبهم في الدراسة الجامعية.
إنَّ توحيد الجهود والرؤى بين قطاع التعليم العام وقطاع التعليم العالي والمسؤولين عن سوق العمل هو من أهمِّ إيجابيات الدمج إذ سيساهم في نهضة إنتاجية اقتصادية في القطاعين العام والخاص وستتحول المملكة العربية السعودية من دولة مستوردة للخبرات والأيدي العاملة إلى دولة مكتفيةٍ ذاتيّاً بل ستكون هي من تصدِّر الخبرات الاقتصادية والعلمية في مجال سوق العمل.
لا شكَّ أنَّ بناء المواطن الصالح المتمتع بحصيلة علمية ومهنية القادر على النهوض بوطنه ومجتمعه ويمتلك المهارة وحُسْنَ الإدارة هو أسمى ما يسعى إليه قرار الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله.
الوزير الشاب... آمال وتطلعات
لم يكن تعيين الدكتور عزام بن محمد الدخيل عبثاً، بل من ثقةٍ أولاها إليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لِما يمتلكه الدكتور من حماس الشباب وإخلاصٍ في العمل وانفتاحٍ على المجتمع وعلى آخر ما تتوصّل إليه العلوم والمعارف، ولما يمتلكه من خبرات علمية ومهنية، فهو خريج جامعة الملك سعود في الرياض، ودرس الماجستير في جامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم نال الدكتوراه في إدارة المشاريع من بريطانيا. وهذا التحصيل العلمي المتنوِّع يجعله قادراً أن يدير سفينة وزارة التعليم بعد الدمج، ويسير فيها إلى موانئ التطوير والتحديث، ويُضاف إلى خبرته الأكاديمية خبراته المهنية في مجال سوق العمل من خلال ترؤسه لعدد من الشركات الخاصة كما أنه عضوٌ في مجلس إدارة المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق؛ التي كان رئيساً لها في عام 2008.
إذن، نحن أمام شخصية خاضت التجربة مؤهلة علمياً ومهنيّاً وتقنياً منفتحةٍ على المجتمع وسوق العمل والتعليم والأبحاث الجديدة والمتجدّدة، كلُّ هذا يدفعنا إلى التفاؤل بشخصية الوزير الجديد وقدرته على تنفيذ رؤية الملك سلمان -حفظه الله- خير تنفيذ.
«انتهى زمن المشالح، وأنا مقتنع بالدمج بين التعليم العام والتعليم العالي في وزارة واحدة لمعالجة أي قصور في أي مرحلة من المراحل وتطويره بدلاً من أن يرمي كل طرف التهمة على الآخر في سوء المخرجات»، بهذه العبارة بدأ معالي الدكتور عزام الدخيل عمله فهو يتطلَّع إلى مستقبل أفضل، لتصبح مشكلات التعليم من الماضي. إنَّ معالي الدكتور الدّخيل يعرف تمام المعرفة حجم المسؤوليات التي يحملها، وحجم الآمال المنعقدة عليه، كما يعلم مدى الثقة التي وضعها على عاتقه خادم الحرمين الشريفين، لذلك نجده يقول في ذلك: «بداية أود أن أشكر سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز- حفظه الله- على ما أولاني من ثقته الكريمة بتكليفي وزيراً للتعليم لأخدم وطننا الغالي وأعمل على تحقيق رؤيته -حفظه الله- في النهوض بمملكتنا الغالية».
نعم، إنَّ النهوض بالمملكة العربية السعودية هي غاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وفَّقه الله لكلِّ خيرٍ وسدّد خطاه.
د. طلال بن خالد الطّريفي - الأمين العام للمؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبدالعزيز - أستاذ كرسي الملك عبدالعزيز لدراسات تاريخ المملكة المُكلَّف - وكيل عمادة البرامج التحضيرية للشؤون الطلابية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية