ناهد باشطح
فاصلة:
((ليست الأشياء قط كما هي، بل كما تبدو))
- حكمة إسبانية -
هل من الممكن وجود مجتمع بلا قيم؟
وهل القيم فقط قيم صالحة أم أنّ هناك قيماً طالحة؟
مشكلتنا أننا لا نلقي بالاً إلى أهمية القيم في حياة الفرد إلا من جهة تنظيرية، ولذلك تجد الكثير منا لا يعرف سبباً لأفعال يقـوم بها أو عادات يمارسها .
ولا يتساءل البعض عن معيار القيم لديه مستنداً أنه تعدّى مرحلة التنشئة الاجتماعية!!
يقول الكاتب سفيان ميمون (إن الأسس التي تستند إليها القيم على اختلافها كثيرة فالمجتمع أساس، والدين أساس، وثقافة الطائفة أو العشيرة كذلك، ولكن المرء الذي ينتمي إلى مجتمع ويدين بدين وينسب إلى طائفة أو عشيرة يحاول دائماً أن يوفق بين هذه العوامل جميعها، بأن يجد مقاربة صائبة بين قيم كل واحدة من العوامل، فمحاولة التوفيق بين مختلف العوامل وحدها التي تفرز لنا القيم المعيارية التي تضحي الحكم الأساس لكل سلوكاتنا وتصرفاتنا، ناهيك عن كيفية التفكير وضبط المنهج القويم لممارسة هذا التفكير)..
مشكلتنا أننا غيبّنا معايير القيم سواء الموضوعية كالمجتمع والثقافة والدين، أو المعيار الذاتي الذي هو العقل.
هذا يتضح تماماً في سلوك المتطرفين للعقل أو المتطرفين للدين والمجتمع وثقافته.
إنّ مسألة معرفة الإنسان لقيمه تفسر كثيراً من السلوكيات، وقضية اهتمام الإنسان بتعديل قيمه تشكل أبعاداً مهمة لمعرفته بذاته، فلا أصعب من ضياع الإنسان عن معرفة ذاته .
والقيم أنواع هناك المادية والإنسانية والروحية والأخلاقية وسواها، والأهم من تصنيفها معرفة الإنسان لمنبع سلوكياته حتى لا يصبح الإنسان عاجزاً عن معرفة أي قيمة ينتهج في سلوكه؟
لذلك حين تسأل البعض عن سلوك ما يفعله لماذا فعلت ذلك تجد الإجابة لا أعلم!!
إننا نسير في موجة لهاث في الحياة دون إدراك لأهمية عيشنا فيها، وبالتالي ننقل هذا الضياع لا شعورياً إلى أبنائنا وإلى من نتعامل معهم.
العالم اليوم لم يعد كما الماضي بسيطاً، والقيم التي تتشكل فيه لم تعد بسيطة، لذلك من المهم أن يتعرف الإنسان على مصفوفة قيمه، بل ويسعى إلى تعديلها وتغييرها بما يوافق الدين والعقل، وإلا تحوّل رمزاً في جماعة القطيع يفعل كما اعتاد أن يفعل دون معرفة لماهية الفعل ونتائجه .