د. محمد عبدالعزيز الصالح
في الوقت الذي يعتصر الحزن قلوبنا جميعاً على فقد ملك الإنسانية عبد الله بن عبد العزيز, فإنه لا يمكن لمنصف أن يتناسى تلك المنجزات التنموية التي تحققت خلال فترة حكمه في قطاع التعليم بصفة عامة وفي قطاع التعليم العالي على وجه الخصوص, إن الدعم المتناهي الذي يلقاه التعليم العالي من لدن قيادتنا الحكومية تمخض ولا زال عن منجزات تنموية سوف نجني ثمارها لعقود زمنية طويلة.
لقد ارتفع عدد الجامعات من سبع جامعات إلى ثمانٍ وعشرين جامعة حكومية, يزيد عدد الكليات فيها على خمسمائة كلية, وما يميز تلك الجامعات أنّ إنشاءها قد تم وفقاً لمعايير الجودة والاعتماد الأكاديمي, إضافة إلى مواءمة التخصصات التي يتم تدريسها في تلك الجامعات مع احتياجات السوق.
أيضاً من المنجزات التي تحققت في قطاع التعليم العالي بفضل من الله ثم بالدعم الكبير من قِبل القيادة الحكيمة، برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي, حيث يتم قصر الابتعاث على التخصصات التي تحتاجها صناعة التنمية في المملكة, وقد تجاوز من تم ابتعاثهم المائتي ألف مبتعث ومبتعثة، يدرسون في أفضل الجامعات العالمية في الدول المتقدمة, وما من شك فإنّ الوطن سيجني ثمرة نتاج هذا البرنامج، حيث سيسهم أبناؤنا وبناتنا العائدون في بناء تنمية وطنهم.
حرص القيادة السعودية على دعم قطاع التعليم العالي، تضّمن دعم القطاع الخاص ليشارك في إكمال بناء منظومة مؤسسات التعليم العالي, وقد بلغ عدد الجامعات الأهلية عشر جامعات إضافة إلى عدد كبير من الكليات الأهلية انتشرت في مناطق المملكة، وأسهمت في استيعاب الكثير من الطلبة والطالبات في عدد من التخصصات الحيوية.
وقد تضمنت التوجيهات السامية أن يتم تقديم مختلف التسهيلات المالية لرجال القطاع الخاص للاستثمار في قطاع التعليم العالي، ولذا اعتمد مجلس التعليم العالي جملة من التسهيلات كالقروض الحسنة والمنح الداخلية وغيرها من التسهيلات الأخرى.
وفي مجال البحث العلمي, جاءت التوجيهات داعمة لكافة مناشط البحث العلمي, حيث تم تعزيز البنود المالية المخصصة للجامعات في مجال البحث العلمي, إضافة لإنشاء الكثير من المراكز البحثية المتخصصة في الجامعات, هذا بالإضافة للبدلات والمزايا المالية العالية التي تم إقرارها لدعم أعضاء هيئة التدريس بالجامعات الناشطين في مجال البحث العلمي.
وانطلاقاً من حرص القيادة على أبنائها أعضاء هيئة التدريس, فقد جاء التوجيه بإقرار جملة من البدلات والمزايا المالية لهم, ومنها 25% بدل تعليم, 40% بدل جامعة ناشئة, وبدل للتخصصات النادرة يعادل 40% تقريباً، إضافة إلى إقرار مكافأة مالية عالية عند تقاعد عضو هيئة التدريس.
وما من شك فإنه وبعد وفاة عبد الله بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ وتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم, فإننا على يقين باستمرار تلك المنجزات, وعلى يقين باستمرار دعم منظومة التعليم العالي, فالجميع يعلم بحرص الملك سلمان على دعم العلماء والمتعلمين, وكلنا ندرك ذلك الاهتمام وتلك الرعاية التي يوليها سلمان بن عبد العزيز للكثير من المناشط في مؤسسات التعليم الجامعي في مختلف مناطق المملكة منذ كان ـ حفظه الله ـ أميراً لمنطقة الرياض, كل تلك الجهود لمليكنا المحبوب سلمان بن عبد العزيز, تجعلنا نتيقن باستمرار منجزات التعليم العالي في عهده الميمون ـ بإذن الله ـ.
وما من شك أن قرار دمج وزارتي التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم في وزارة واحدة بمسمّى (وزارة التعليم) إنما يُعَد قراراً حكيماً ينم عن بُعد نظر سلمان, كما يعد ذلك بداية موفقه لمستقبل تعليمنا الجامعي في عهده الميمون ـ حفظه الله ـ, خاصة وأنّ هذا التوجه له انعكاساته الإيجابية على مؤسسات التعليم الجامعي في وطننا الغالي من خلال إعطائها المزيد من المرونة، مما يصب في قدرتها التنافسية مع نظيراتها الجامعات الأجنبية في مختلف المناشط الأكاديمية والبحثية.
إضافة إلى ذلك, فإنّ من إيجابيات الدمج بين الوزارتين التهيئة الكاملة لخريجي المؤسسات التعليمية لتكون أكثر مواءمة مع احتياجات سوق العمل.
ختاماً, رحم الله عبد الله بن عبد العزيز, وأسكنه فسيح جناته وجزاه الله خير الجزاء على ما قدمه لوطنه وشعبه, وأعان الله مليكنا المحبوب سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير مقرن بن عبد العزيز، وولي ولي عهده الأمير محمد بن نايف, وفقهم الله جميعاً لإكمال المسيرة التنموية المباركة للمملكة والتي وضع أولى لبناتها موحِّد هذه الدولة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن عليه رحمة الله.