وافق مجلس الوزراء مؤخراً على إنشاء هيئة عليا لتطوير المنطقة الشرقية لتسهم في عملية التطوير الشامل للمنطقة وتوفير احتياجاتها من المرافق العامة والخدمات, وقد جاء توجه مجلس الوزراء الموقر بإنشاء هذه الهيئة انطلاقاً من الأهمية الاستراتيجية للمنطقة الشرقية، كونها تضم مواقع النفط وموانئ التصدير لها, فضلاً عن كون المنطقة البوابة الشرقية للمملكة مع دول الخليج. وقد جاء إنشاء الهيئة في المنطقة الشرقية وذلك بعد إنشاء كل من هيئة الرياض ومكة والمدينة المنورة وحائل.
إننا عندما نتحدث عن الهيئات العليا لتطوير المناطق في المملكة, فإننا لا بد أن نعود بالفضل في إنشائها ـ بعد الله سبحانه وتعالى ـ إلى الفكر الاستراتيجي الذي يحمله صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد وزير الدفاع, عندما كان سموه أميراً لمنطقة الرياض, وذلك عندما وجه سموه الكريم عام 1394هـ بإنشاء أول هيئة تطوير في المملكة وذلك في منطقة الرياض.
عندما توجه سلمان بن عبدالعزيز لإنشاء الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض, فقد كان ذلك يعكس الحس التنموي العالي عند سموه عندما وجه سموه بأن تنشأ سلطة تتولى مسؤولية التطوير الشامل بأبعاده الحديثة للعاصمة السعودية, ولقد انطلق سموه في إنشاء الهيئة من حرصه على توفير أرضية مشتركة وتنسيق جماعي من قبل كافة الأجهزة الحكومية والخاصة ذات العلاقة عند إنشاء وتنفيذ المشاريع التنموية في العاصمة, حيث كان سموه يدرك أهمية التنسيق المشترك ليس بين الأجهزة الحكومية فحسب وإنما بمشاركة القطاعات الأهلية أيضاً كالغرف التجارية.
إضافة لذلك, فقد جاء اهتمام سمو الأمير سلمان بالتخطيط الحضري الاستراتيجي للعاصمة الرياض كأحد المنطلقات لسموه في إنشاء الهيئة العليا لمنطقة الرياض.
إضافة لذلك, فقد جاء توجيه سلمان بن عبدالعزيز بإنشاء الهيئة العليا لتطوير منطقة الرياض تمشياً مع توجه الدولة وما تضمنته الخطة التنموية في ذلك الوقت, كما أن هذا النهج لسموه إنما يعبر عن قناعة سموه بما تفرضه علينا المعطيات المرحلية للاقتصاد الوطني في ذلك الوقت والتي تتطلب مشاركة جماعية من كافة الاجهزة الحكومية والخاصة ذات العلاقة.
لقد رسم أميرنا المحبوب للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض منذ إنشائها منهجاً تخطيطياً استراتيجياً متميزاً وقد أضفى ذلك فكراً اقتصادياً ومنهجياً إدارياً انعكست آثاره الإيجابية على عملية صنع التنمية الحضارية لعاصمتنا السعودية مما جعلها في مصاف العواصم العالمية المتقدمة.
ختاماً, إذا كان النجاح المنقطع النظير الذي حققته الهيئة العليا لمنطقة الرياض قد أدى إلى تكرار هذه التجربة المميزة في بعض المناطق الأخرى مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة وحائل وأخيراً المنطقة الشرقية, فإن هذا يدفعنا إلى مطالبة كافة أمراء المناطق الاخرى بالمبادرة بدراسة إنشاء هيئة عليا للتطوير في تلك المناطق وذلك لتعدد الإيجابيات والمكتسبات التنموية والاقتصادية التي تحققها تلك المناطق من جراء ذلك.