مع وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز «رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جنانه»، لا شك أننا فقدنا ملكاً أحببناه جميعاً وفي المقابل هو أحبنا أيضاً وكل ذلك بسبب بساطته وتلقائيته وقربه من شعبه، وأنا على يقين بأن كل مواطن سعودي سيظل يذكر للملك عبدالله (رحمه الله) إنجازاته الاقتصادية التي لن تنسى تاريخياً والمتمثلة في: تحقيق النمو الاقتصادي المستدام، وتحقيق إيرادات قياسية تاريخياً، والعقلانية في الإنفاق الحكومي، وتكوين احتياطيات مالية ضخمة ولأول مرة في تاريخ المملكة، وتنفيذ مشاريع تطويرية عملاقة ومتنوعة تتركز في الحرمين الشريفين والتعليم والصحة والنقل وغيره من المجالات الحيوية.
الآن ومع دخولنا عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز (حفظه الله ورعاه)، فنحن أمام مرحلة اقتصادية جديدة تستهدف المحافظة على مكانة المملكة الاقتصادية بين دول العالم وهي أكثر صعوبة وتعقيداً من سابقتها بسبب المتغيرات السريعة والمتلاحقة في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي عالمياً والانخفاض القوي لأسعار النفط والمخاوف من ظهور أزمات اقتصادية دولية، وبالتالي وجود تحديات اقتصادية خارجية لا يمكن الاستهانة بها بأي حال من الأحوال تستوجب مستوى عاليا من الحكمة والعقلانية في التعامل مع هذه التحديات بهدف التغلب عليها.
ومن المنظور الداخلي، هناك تحديات اقتصادية داخلية لا تقل أهمية عن التحديات الاقتصادية الخارجية من أهمها: مواصلة مسيرة الإصلاحات الاقتصادية التي بدأها الملك عبدالله (رحمه الله)، وحل مشكلة الإسكان، والقضاء على الفقر، وتنويع مصادر الدخل القومي، وترشيد الإنفاق الحكومي، وخلق فرص عمل للشباب السعودي، وتحسين مستوى الدخل الفردي، وتخفيض تكاليف المعيشة، وتوفير الخدمات العامة (من تعليم وصحة ونقل إلخ) في جميع مناطق المملكة، وتحسين مستوى الاقتصاد المعرفي، وترشيد الاستهلاك المحلي للطاقة، وتطوير مصادر للطاقة المتجددة والنظيفة، وغيره من التحديات.
قد تبدو هذه التحديات ليست بجديدة على البعض لكن الجديد أننا نواجهها في وقت صعب جداً تتفوق فيه المصروفات الحكومية على الإيرادات الحكومية، مما يعني أن مواجهة هذه التحديات يستلزم السحب من الاحتياطات المالية والاقتراض من خلال إصدار السندات الحكومية وربما البحث عن مصادر دخل جديدة إلى جانب ترشيد الإنفاق الحكومي قدر الإمكان، ولهذا السبب أراها تحديات جديدة وصعبة من المتوقع أن يواجهها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان (حفظه الله) في السنوات القادمة باهتمام كبير ونحن على ثقة أنه سيتغلب عليها بشكل تدريجي وعقلاني إن شاء الله.