لقد تنامى مستوى الوعي بين الناس،..
وبينما هم يتابعون المستجدات من حولهم، يدركون مدى حاجة الفرد إلى معرفتها، ومن ثم سيبحثون عن مواقعهم في التفاعل معها..، وسيتساءلون أين أدوارهم فيها..؟!
ليتحقق بهذا الوعي لكل فرد في المجتمع الاطمئنان الذاتي لمنجزه، في دوره المناط به حين يكون محور وعيه معرفة دوره فلا يهمشه، أو يتغافل عنه، أو يتقاعس دون إنمائه..
من هنا، فإن معرفة نتائج ما تقوم به مصلحة الإحصاءات العامة من رصد لواقع نمو عدد الأفراد المواطنين ضمن تركيبة الوطن السكانية، وفرزها عن نسبة المقيمين سيمكِّنهم من تحديد أدوارهم..
ولعل في ذلك ما سوف يعين منظومة مؤسسات المجتمع بمختلف أدوارها، ومسؤولياتها، لأنها تحتاج لمثل هذا الوعي الفردي، فبه يأتي تقنين الفرد لدوره، وتحميله ذاتُه مسؤولية القيام بما يجعله عنصراً فاعلاً..
فما أعلنته على موقعها الافتراضي مصلحة الإحصاءات مؤخراً هو أن عدد سكان المملكة في العام الماضي بلغ 30.7 مليون نسبة بزيادة نمو 2.6 في المئة، من هذه النسبة فإن المواطنين يبلغ عددهم 20.70 مليوناًَ أي ما يقارب ثلثي العدد الإجمالي والباقي مقيمون نستضيفهم للعمل، أو يعيشون معنا منذ الولادة، أو السبب ...،
كذلك فندت مصلحة الإحصاءات العامة تفاوت النسب في معدل سكان كل منطقة، فأظهرت أن منطقة مكة المكرمة والرياض بفارق 5% بين منطقة مكة والمكرمة تتقدّمان، وأن أقل النسب في عدد السكان كانت في منطقة الحدود الشمالية..
ما أعنى به في هذا، هو أن وعي المواطن سيتسع،
وحينها سيسأل كل فرد في الجميع من أنا بين هذه الأعداد..؟
ما الذي أقوم به من أدوار تجاه تنمية ذاتي علماً، وأداءً، وإنتاجاً، وإنجازاً..؟
ما البصمة التي أعمل على أن تكون لي بين هذا الزخم، سواء كنت على مقعد وزيراً، أو عند باب غفيرا..؟
سواء كنت معلماً في فصل، أو طالباً في درس..؟،
سواء كنت قاضياً في محكمة، أو بائعاً في سوق..؟،
سواء كنت عاملاً في حقل، أو بنَاءً في منشأة..؟،
سواء كنت امرأة في بوتقة تربية، وتنشئة أو عمل..؟،
أو كنت رجلاً في مكتب، أو طريق، أو حرث..؟،
ونستثني الرضيع في النسبة الكلية من عدد المواطنين، وكذلك الغر، ممن لم يعقل بعد، أو يكلّف بعد...!
ذلك لأن صناعة الأوطان هي صناعة فردية، وجمعية..
إذ كلما عرف الفرد دوره، وعمل عليه بإخلاص،جدَّت ساقيتها، والتهب نشاط دولابها، وضخت تياراتها ما يبهج، ويدفع، ويُعلي، ويُثمر...علماً، وإبداعاً، وفكراً، وعدلاً، وتكافلاً، ومالاً، وأمناً، وسمات، ومزايا، واستثماراً مجنياً، وربحاً فائقاً يمنح الثقة، ويفضي لسعادة المجتمع كله...!
ويعزِّز الدور الحضاري ومن ثم التاريخي ليس للفرد فقط.. بل لوطنه..!
فمن أنت بين هذه الملايين من النفوس، وأنفاسها..؟!