لا يختلف شخصان على أن معالي الدكتور إبراهيم العساف كان النجم الأبرز في سوق الأسهم السعودية خلال الأسبوع الماضي مع إطلاقه تصريحاً مهماً أوضح فيه التوجهات المستقبلية للدولة (حفظها الله ورعاها) في الإنفاق العام وتوقعاتها للإيرادات والنمو الاقتصادي في وقت حرج كانت أسعار النفط والأسهم فيه تسجل انهيارات سعرية متواصلة وكانت نفسيات المستثمرين في أسوأ أوضاعها، حيث شاهدنا جميعاً الانعكاسات الإيجابية جداً لهذا التصريح ليس على تحركات السوق المالية السعودية فحسب بل امتدت لتشمل تحركات الأسواق المالية في المنطقة.
ما حدث يؤكد لنا مجدداً أهمية وجود تصريحات رسمية من كبار المسؤولين وبشكل فعال حول رؤيتهم للوضع الحالي ولتوقعاتهم المستقبلية وخصوصاً أثناء الأزمات التي تهدد الاقتصادات أو الأسواق المالية وإن كانت نتيجة لظروف خارجية، لأن هذه التصريحات لها دلالات هامة تساهم في رفع مستوى الشفافية والإفصاح، و في إعطاء صورة صحيحة عن التوجهات الحكومية في ظل المتغيرات الجديدة، وفي بناء الثقة بين المسؤول والمواطن، وفي طمأنة الأسواق المالية عند الضرورة، والأهم أنها تقطع الطريق تماماً أمام الشائعات التي كانت ستجد بيئة خصبة للانتشار نتيجة لغياب المعلومة الصحيحة.
وحتى نفهم أهمية التصريحات الرسمية، فمع تصحيح أسعار النفط بأكثر من 40 بالمائة وتصحيح أسعار المنتجات النهائية البتروكيماوية بوتيرة أقل عند 20 بالمائة تقريباً وذلك قبل تصريح معالي الدكتور العساف إلا أن تصحيح أسعار أسهم بعض الشركات القيادية في قطاع البتروكيماويات كان عنيفاً جداً لنحو 50 بالمائة مما يدل على أن غياب المعلومة الصحيحة جعل من سلوك أسعار الأسهم عشوئياً، وفي المقابل بعد تصريح معاليه ووصول المعلومة الصحيحة انعكس الوضع رأساً على عقب بعد أن أدرك المستثمرون أنهم بالغوا في بيع الأسهم ولاحظنا جميعاً ارتدادة قوية جداً بقيادة القطاع البتروكيماوي لم نر مثيلاً لها منذ سنوات طويلة.
أعتقد أن الكرة الآن في ملعب مسؤولي الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية (القيادية منها على أقل تقدير) ليلعبوا أدواراً مشابهة للدور الذي لعبه الدكتور العساف تهدف لرفع مستوى الشفافية والإفصاح ولنقل المعلومة الصحيحة إلى المستثمرين، ونحن هنا لا نطلب منهم أكثر من إعطاء رؤيتهم للوضع الحالي وتوقعاتهم المستقبلية لأداء شركاتهم تماماً كما يفعل مسؤولو الشركات المدرجة في الأسواق المالية المتقدمة سواء كانت هناك أزمات أم لم تكن، و أعتقد أن أمامهم فرصة ذهبية ليصبحوا هم بأنفسهم نجوماً متى ما أرادوا ذلك ولا أدري حقيقة ماذا يمنعهم عن تحقيق ذلك؟