سعادة الأستاذ/ خالد المالك رئيس تحرير صحيفة الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اطلعت على مقال الدكتور مساعد بن عبدالله النوح في صحيفتكم الغراء العدد (15453) بتاريخ 28 ربيع الأول 1436هـ صفحة الرأي بعنوان (وهم التخدير الإيراني للسعودية) وقد احتوى المقال المهم فكرةً ومضموناً كثيراً من الرصد الدقيق للحركة الإيرانية والتي أوصلها الكاتب لنتيجة أن ايران تلاعبنا بالبيضة والحجر، والحقيقة هي أن إيران التي تعاني منذ فترة تخوض فعلياً معركة النفط مع الجانب السعودي، وهذا ما تأكد بتأجيل زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى السعودية احتجاجًا على إحجام الرياض عن خفض إنتاج النفط حسب ما نشرته وكالة رويترز.
ورغم ذلك فإنه مهم جداً أن نتعامل مع الموقف بحزم شديد، وحتى ألا ننساق إلى التخدير الإيراني علينا أن نؤكد على الإيرانيين مرة أخرى أن تدخلاتهم في لبنان وسوريا والعراق واليمن خلقت مشكلات كبرى زادت من الأعباء على الشرق الأوسط، وبسبب التدخل في شؤون الآخرين جعلت إيران من المنطقة بركاناً ثائراً صانعة أزمات مختلفة وجعلت من القضية الفلسطينية المحورية تتراجع أمام مشاهد مختلفة من الدمار والقتل والانتهاك لحقوق الإنسان في عدد من البلدان العربية.
ايران التي صنعت من المذهبية ناراً أشعلتها منذ 1979م تاريخ ثورتها والتي أرادت من خلالها تسيس المذهبية الشيعية والتي كانت في حالة سلام ـ نسبي ـ مع محيطها السني ولم يكد العالم العربي يشعر بهذا الصراع إلا من بعد الثورة الإيرانية والتي حملت في أهدافها تصدير الثورة وهي في حقيقتها تصدير الصراع المذهبي من أجل تحقيق نتائج سياسية.
كتب د. صالح الخثلان (وفي حال تجاوزنا الهلال الخصيب والشام فلا نجد لإيران سوى دور تخريبي يمارسه الحرس الثوري من خلال دعم فصائل وميليشيات ونخب تدين بولائها لطهران، ومثال على ذلك الدور التخريبي للحرس الثوري في اليمن من خلال الحوثيين، وكذلك محاولات قاسم سليماني المستميتة ولكن الفاشلة في زعزعة أمن البحرين الذي يظهر أنه تجاوز الأزمة وعاد إلى وضع ما قبل الربيع العربي، حيث تعاني البحرين مشكلة بحاجة إلى حلول جريئة تحقق السلام الأهلي وتفوت الفرصة أمام طهران لاستمرار في مشروعها التخريبي.
وفي هاتين الدولتين تحديدًا (اليمن والبحرين) تدرك طهران أن أي محاولة لإحداث تغيير حقيقي يعد مساسًا بأمن المملكة الوطني التي لن تترد في استخدام كل أوراقها للتصدي له بحسم وقوة.
وحين نتوجه بالنظر إلى بقية الدول العربية فلا نجد أي دور لإيران يشير إلى مزاعم التفوق الإيراني. ففي الأردن ومصر وشمال أفريقيا وحتى السودان تحافظ المملكة على علاقات متينة أقيمت على أسس عربية صلبة ممتدة عبر التاريخ، وعلاقات هذه الدول مع الآخرين خارج الفضاء العربي ومنهم إيران ورغم كل ما يشاع تنطلق من منظور الأمن القومي العربي، وقيادات هذه الدول وشعوبها تدرك القيمة الاستراتيجية للعلاقات مع المملكة، ولن تنجح إيران مهما حاولت في تغيير هذه الحقيقة.
والتاريخ خير شاهد على ذلك، فقد فشل مشروع تصدير الثورة الإسلامية إلى هذه الدول وبقية الدول الإسلامية حين كانت الثورة في أوجها واختفى أي أثر للتأثير الإيراني أمام تقدير راسخ للمملكة، وهذا بالطبع غير مستغرب بالنظر إلى قيمة المملكة الخاصة في محيطيها العربي والإسلامي).
- يوسف العايد