أنا إن رثيتُ فلستُ أرثي ميتاً
ملك القلوب فأجهش الأحزانا
بل ذاك عبدالله عزمة ماجدٍ
من سيّر الأزمان والأوطانا
رحمك الله يا خادم الحرمين عبدالله بن عبدالعزيز؛ لقد سكن قلبك كل من ينتمي لهذه الأرض الطاهرة, فاقتبسوا صدق الشعور والمشاعر حين وضعتهم على نبضاته, فانتظمت لهم مشكاة من نور تضيء لهم ما أمّلوا وما تمنّوا.
رحمك الله يا مآثراً في رجل، ويا تاريخاً معتّقا يتحدث عن عهود كثيرة حدثت في عهد واحد! ويا مواثيق إصلاح دون سلاح, ويا سيّد المشهد العربي وحكيمه وحاكمه، ويا من جمعت وجدان شعبك حولك دون قرار, بل كان الاجتماع قرارهم حيث أنت وأينما تكون, ويا من كنت ربان سفينة لا أمهر ولا أقدر منه, فكانت شطآن الأمان بين يديك في زمن ضلّت فيه المراسي.
فاض وردك فكثر الواردون, واغدودق محيطك وما جاوره ممن وعيت حاجته من أبناء العرب والمسلمين.
زرعت التسامح في وطنك, فنما واعشوشب, إلى أراض ذات شعب حبا ينمي الحضارات، ويغذي الثقافات, فكان حوار الأديان شاهدا من شواهد استباقية فكرك وعمق النظر والنظرة.
وجاوزت جائزتك للترجمة ثقافة قوم إلى ثقافة أقوام, فكانت صيداً سميناً وثميناً, أصبحت شموسها تتلاقح لتضيء العالم بأسره.
احتضنت أماكنُك وفضاءات روحك الرحبة قوافل حجاج بيت الله ومعتمريه وزائريه فتحققت لهم إرادة الله (حرما آمنا يجبى اليه ثمرات كل شيء).
أما التعليم فحملتم له ركازا, وغرستم له غراسا, فأصبح السقي نميراً والعطاء وفيراً.
فصارت قوافل المبتعثين تتزاحم أمام بوابات كبرى الجامعات العالمية, ولهم في الداخل أبواب وعزائم أخرى تتمازج فيها المعارف وتختلف الصور والمصادر.
شرفت بحضور مجلس عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- لعامين متواليين ضمن المشاركات في جلسات الحوار الوطني, وكان من عادته رحمه الله أن يستقبل مجاميع الحوار بعد نهاية كل لقاء, وأمام منبره حظيتُ وأثنى -رحمه الله- عندما سمع:
صحراءُ نجد أشرقت أنوارا
ثم انحنت قممُ الحجاز وقارا
واستحيت الدهناء من دهمائها
لما أُبيحت للإمام جهارا
والشاطئ الشرقيّ أقبل منشدا
حتى استحال هديره أوتارا
واليوم عبدالله نبض قلوبنا
ويعانق الأسماع والأبصارا
من قال إن البحر غيثُ يمينه
قد خال إن شماله الأنهار
رأيت في لقائه الحميم آنذاك -رحمه الله- أن وجود المرأة في وطنه حتماً سيكون فوق الزمن والواقع, فتبطّنت النساء من الوطن مواقع مخضّلة خصبة, وفضاءات رحبة في مشاهد التنمية ومواقع صنع القرار, وفي الشورى, وفي كل شأن تنموي حاضر وقادم:
هذا القرار ولات بعد قرار
إن النساء شقائق أنصار
لن استرسل فقد عتبتُ على المفردات, فكنت أريدها أن تفي فقيد الأمة استحقاقه الأبدي من الأخبار والآثار, فالقائمة تطول وتتسع.
أنا إن رثيتُ لست أرثي ميتا
ملك القلوب فأجهش الأحزانا
بل إن عبد الله عزمة ماجد
قد سيّر الأزمان والأوطانا
وأن عبدالله فارس دولة
رفعت بوارق حكمه الأركانا
وأن عبدالله راهن واقعا
قد حاز فيه السبق والإحسانا
وأن عبدالله جال مواقفا
للعرب صيّر في اللظى بستانا
وأن عبدالله ساكن شعبه
روى حنايا القلب والأذهانا
وأن عبدالله فيض غمامة
سحّت وأروت رائقا ريانا
وأن عبدالله صنو سماحة
جافى التكلف طبعه ما كانا
يا للمآثر قد طواها نحبُه
يا ربّ فارحم قائدا إنسانا
رحمك الله يا ملك الإنسانية عبدالله بن عبدالعزيز، وأنزل عليك شآبيب رحمته, وأكرمك بجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين.
الأبيات الشعرية في المقال للكاتبة.