مات الأب، مات القائد، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا على فراقك يا عبدالله بن عبدالعزيز لمحزونون، رحمك الله، يا من كنت قريباً من شعبك، حريصاً عليهم، رحمك الله يا من أحببت شعبك بصدق، فبادلوك الحب بالحب، رحمك الله يا من كنت (سداً منيعاً) لبلدك، حامياً صادقاً لأمتك العربية والإسلامية، باذلاً في سبيل استقرارها كل غال ونفيس.
علاقة السعوديين بالملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- لم تكن علاقة تقليدية بين (حاكم ومحكوم)، بل كانت أبعد من ذلك فقد كان (إنساناً) بما تعنيه الكلمة قبل أن يكون ملكاً وقائداً، من ينسى تلك الليلة الرمضانية التي تفقد فيها (الفقراء في بيوتهم) في أول اعتراف من نوعه لتحسين معيشة هؤلاء؟ بل من ينسى الدّمعة التي سقطت من عينه دون تكلف وهو يحتضن أبناء الشهداء، ليؤكد وقوفه في أول الصف في وجه الإرهاب والمفسدين، ما تزال ذاكرة السعوديين تحمل صور الراحل وهو يتجول في الأسواق، ويتذوق الطعام ببساطته المعهودة بين الجموع، الملك عبدالله أسس (كرسي المواطن) ليجلس أمامه، يتحدث معه وجهاً لوجه، لرفع مظلمة، أو طلب أمر معين بكل احترام، (كخصلة فريدة) تبين العلاقة الاستثنائية بين الملك عبدالله وشعبه.
يطول بنا المقام عند الحديث عن صفات الملك عبدالله -رحمه الله- وعلاقته بعامة الناس، أو بالمشايخ والعلماء، وهو من وضع (درس القرآن وتفسيره) ليفتتح به مجلسه ولقاءه الأسبوعي، الحديث عن المنجزات والأنظمة التي تحققت في عهد (الراحل الكبير) من أجل المواطن ورفاهيته - لا يمكن حصرها هنا - وفي ظني أن الحزن لا يخص السعوديين وحدهم، فكل شريف في العالم، وكل نزيه، يشعر اليوم بحزن كبير، لوفاة رجل بحجم (عبدالله بن عبدالعزيز).
كلنا أمل بسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لإكمال المشوار الذي بدأه الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- وأبناؤه سعود، وفيصل، وخالد، وفهد، وعبدالله -رحمهم الله جميعاً- ومواصلة النهج المبارك لهذه الدولة، وقيادة المملكة إلى برالأمان وسط هذه الظروف الصعبة التي تموج في العالم من حولنا.
رحم الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ووفق الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهد الأمين الأمير مقرن بن عبدالعزيز، والحمد لله على كل حال.