يلمِّح البعض على استحياء لضعف تجارب كثير من الشعراء، وفي المقابل يمدح تجارب أخرى لأسبابه، وهذا شيء سلبي لا يعني إلا صاحبه، بدليل المواربة في طرح الرأي تارة خشية ردة فعل ما، والتحيّز لأسماء ليس في جعبتها ما يشفع لها عند أصحاب الذائقة الرفيعة تارة أخرى، والتحامل في المقابل على نتاج بعض الأسماء بشخصنة لا تليق، وكل ذلك واقع لا ينكره راصد منصف، وطالما الأمر في حدود الآراء الانطباعية فهذا شأن خارج نطاق اهتمامات أصحاب فن النقد الأدبي الرفيع الذين لا يلفت نظرهم من القصائد ولا يفعّلون أدواتهم النقدية فيها، إلاّ إذا اكتملت لها عناصر التميز، وقد لفت نظري رسالة لشاب دون العشرين عاما، رغم أنها في فحواها انطباعية وليست نقدية، أنشر جزءا منها هنا موقعة باسم خالد الجهني، طالب في المرحلة الثانوية من المدينة المنورة، لأدلل على أن الشاعر المتميز يصل نتاجه إلى رفيعي الذائقة من كل الأجيال:
(الأخ عبدالعزيز بن سعود المتعب.. المشرف على صفحة «مدارات شعبية»، هذه أبيات لشاعر متميز هو ماجد الشاوي، أتساءل لماذا لم تقدم الساحة من هم في مستواه إلاّ القلة القليلة؟):
تفيضين نورٍ فوق هام الترف منثور
وتضوين ليلٍ.. سرمدي في معاناتي
ومنها قوله:
رعيتك خميلة ظل وليا بغيتي نور
أضوِّي شموع القلب وأدفيك بآهاتي
تخيلتك آخر طيف في حلمي المذعور
وفزّيت طولي واخلف العلم هقواتي
ومن قصيدة أخرى:
سرى الليل يامن ضيّع الليل بالتمثيل
بقلبك كلامٍ ما تبيهم يعرفونه
وأنا فاطنٍ لمبعثر الكحل بالمنديل
وخدٍ تورّد بالخجل واختلف لونه
وفي قصيدة أخرى يقول:
يا مرهف الإحساس طرف الهوى نام
عندي وشمعي ذاب وأذوى بريقه
ترجم عذاب الصمت في بوح الاقدام
خل الفرح يطرد من القلب ضيقه
ومن رائعة أخرى يقول:
أنا مثل البحر كلِّي عطا.. لو تحسن التوقيت
واغار.. وما كشف جزر البحر غطّاه في مدّه
وأنا مثل البشر كلِّي خطأ.. يا طول ما داريت
تعال اكسر جدار الصمت واللِّي تكرهه بدّه