مما لا شك فيه أن لمظاهر العنف لدى الكبار بوجه عام والأطفال بوجه خاص تأثيرات سلبية خطيرة أكدتها وتؤكدها العديد من الدراسات، فهي تولد الهلع والخوف والقلق من العالم المحيط بالإضافة إلى خلقها أطفالاً عدائيين بامتياز. لقد نشرت جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية «نظرية الطفل العدائي»
في دراسة نشرتها شملت قرابة مائة طفل في عمر ما قبل المدرسة ممن شاهدوا مناظر عنف، وممن لم يتعرضوا لتلك المشاهد، لقد توصلت هذه الدراسة إلى وجود فوارق كبيرة وواضحة بين الفئتين، حيث إن الأطفال الذي شاهدوا مناظر العنف كانوا أكثر عرضة للنزاع فيما بينهم أثناء اللعب، وأقل طاعة للأشخاص المسؤولين عنهم، وقليلي الصبر والتحمل في الحصول على ما يبتغون.
إن ما يتعرض له أطفالنا من مشاهد للعنف تمارسها الفرق الإرهابية باسم الإسلام والمنتشرة في عالمنا الشرق أوسطي على وجه الخصوص، تجعلنا مضطربين وخائفين على ما يطلع عليه أولادنا من مشاهد عنف وعلى تأثيرها النفسي عليهم، وبالتالي تأثيرها على مستقبلهم، فنحاول بشتى الوسائل منعهم من التعرض لتلك المشاهد على الرغم من استحالة ذلك نتيجة انتشار وهيمنة وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة كاسحة، ولا تهون أيضاً الشاشة الصَّغيرة في كل بيت.
إن العنف هو العنف وآثاره السلبية الخطيرة على البشرية لا يختلف عليها اثنان مهما كان مصدره، حيث نستقبل يومياً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي العديد من مقاطع الفيديو التي تحتوي على الكثير من العنف الذي يقلب كياننا كأشخاص ناضجين فكيف بأطفال صغار لم يكتمل بناؤهم النفسي والعقلي بعد، ولقد نشرت دراسات حديثة كذلك تؤكد أن التعرض لمشاهد العنف يؤدي للاكتئاب والإحباط.
لقد تم تسريب مقاطع فيديو مؤخراً تم فيها تصوير «تنفيذ لحدود شرعية»، حيث طالبت جمعية حقوق الإِنسان في مكة بعد ذلك بمعاقبة مصور تلك المقاطع، وحملت الجهات الأمنية مسؤولية انتشارها.
إن مسؤولية انتشار تلك المقاطع الفيديوية مسؤولية مشتركة تقع على الأفراد وعلى الدولة، فمن يقوم من الأفراد بتداول تلك المقاطع وتبادلها عليه مسؤولية كبيرة وتكمن هنا أهمية رفع الوعي المجتمعي، فمن أجل حماية أسرتي في ألا تتعرض لتلك المناظر العنيفة، يحتم علي أن لا أبادر وأرسل ذلك المقطع لأي شخص كان، وبالتالي نساهم كأفراد في منع تداولها. كذلك هي مسؤولية الدولة في قيامها بإحاطة تلك العقوبات بخصوصية معينة منعاً لتداولها بهذا الشكل، وعدم تعريض الأطفال لتلك المقاطع نظراً لسهولة الوصول والاطلاع عليها في عصر الوسائط الاجتماعية، حيث يؤكد نظام حماية الطفل من الإيذاء الصادر بقرار من مجلس الوزراء في مادته الثالثة على ان تعريض الطفل لمشاهد مخلة بالآداب أو إجرامية أو غير مناسبة لسنه بأنها إيذاء.
ولا يخفى علينا أيضاً الهجمات المتكررة من الدول الغربية والاتهامات الموجهة للدول الإسلامية برعايتها للإرهاب وربطه بالدين الإسلامي، فيتوجب علينا أخذ الحيطة حتى لا تستخدم تلك المقاطع من قبل تلك الدول وتأخذها كذريعة لتحميل الدين الإسلامي ما لا يحتمل، ومسؤوليتنا نحن كدولة إسلامية رائدة أن نقدم نموذجاً إسلامياً لحقيقة الإسلام.