كتبت في هذه الزاوية مرة عن هذا الموضوع، وقد كانت هناك نقاشات مع بعض الأصدقاء العاملين في أجهزة الدولة المختلفة، وكان نصيبي من حنقهم، نصيب الأسد.
واليوم أعود للموضوع نفسه، ولكن بما لا يغضب الإخوة في الأجهزة الحكومية الذين نقدّر جهودهم، ونستشعر حقوقهم التي ربما يرون أنها مغموطة أحياناً.
في كل هيئة حكومية صغرت أو كبرت إدارة تُسمى إدارة التدريب، مستقلة كانت، أو مربوطة بأخرى، حسب حجم هذه الهيئة أو تلك، وهذه الإدارة في حقيقتها جل عملها إبرام عقود التدريب مع الشركات والمعاهد الخارجية، لهذا التدريب الموهوم الذي هو في حقيقته رحلة استجمام لهؤلاء الموظفين ليس إلا!! لا أعترض على منح الموظف مكافأة برحلة استجمام تقديراً لجهوده وما يقوم به من مسؤوليات جسيمة تجعله في حاجة إلى رحلة جنوب شرق آسيوية، أو أوربية، لكن اعتراضي على هذه الدورات (المكذوبة) التي تمنحها هذه الشركات للموظف السعودي تحديداً، وهي لم تمنحه أكثر من ورقة مطبوعة وممهورة بخاتم الشركة الكاذب.
تعرفت على هذا العالم بمحاولة بذلتها مع أحد الإخوة ولوج عالم التدريب، وصدمت بهذا الواقع المرير، فالموظف الذي يُعطى دورة في برشلونه أو مدريد أو شرم الشيخ أو غيرها من أماكن التدريب المفضلة ولمدة قد تصل إلى أسبوعين لا يحضر إلا يوماً أو يومين في أحسن أحواله، وبعدها يسيح في الأرض وشهادة حضوره الدورة في حقيبة سفره!!
لا مانع عندي، بل أدعو إلى منح الموظف أيام راحة مدفوعة الثمن والتكلفة بعد حضوره دورة مكثفة جادة نافعة، فهذا حق أعتقد يجب أن يُعطى له ليعود أكثر إنتاجاً وعطاءً، لكنني ضد هدر المال والوقت، وكذلك عدم إعطاء التدريب الحقيقي للموظف الذي هو في الحقيقة بحاجة له، فمما يُؤسف له أن مسألة التدريب في هيئاتنا الحكومية شبه معدومة.
إن مسألة التدريب والتطوير ليست مسألة ثانوية، لكن واقعها مؤلم ولا يوحي بأن هذه الهيئات تولي التدريب الأهمية المفترضة، وأنها ترى أنه أمرٌ ثانوي ترفيهي ليس إلا!
بدون أي (زعل) يا مديري التدريب والتطوير: بكل أسف ليس لكم من اسمكم أي نصيب، ولا أُُعمم، ولكن غالبية المؤسسات الحكومية على هذه الشاكلة المحبطة!
جحافل موظفي الدولة في كل قارات العالم ويكلفون ميزانية الدولة مئات الملايين، ويعودون بخفي حنين!.. إنها الأمانة المُضاعة بكل أسف!
ومما يُضاعف الألم أن هذا الأمر صار مستساغاً ومعروفاً عند الجميع!
انتهت علامات التعجب ولم ينته تعجبي من هذا التدريب المزعوم.
والله المستعان.