قبل أن أوجه رسائلي للوزراء الذين نالوا شرف ثقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أزجي أجمل التهاني لهم، سائلاً الله القدير أن ينفع بهم الوطن والمواطن, ويعينهم على البر بقسمهم الذي هو عند الله عظيم.
وإنني أؤكد بأن رسائلي لكم هي حديث مجالس المواطنين في مجملها, فكل كاتب رأي ما هو إلا صدى لأصوات المواطنين.
الرسالة الأولى: لمعالي وزير الشؤون الاجتماعية الأستاذ سليمان بن سعد الحميّد... هذه الوزارة المحببة لقلبي، وأقولها دائماً لو خُيرت أن أكون وزيراً لما اخترت غير هذه الوزارة، كونها لمن أخلص النية وعمل بصدق، وتحمل من الأجر الأخروي الشيء العظيم.
معالي الوزير.. مسؤوليتكم ليست كأي مسؤولية، فلستم تتعاملون مع تجار ولا صناع ولا عموم الناس, وإنما كل عملكم موجه لمن هم في حاجة إليكم وإلى نجاحاتكم كونهم فئة الناصر لهم والمغيث بعد الله من يتولى دفة هذا الوزارة، وأقولها لكم بكل صراحة جئتم لوزارة مثقلة بالمطالبات الشعبية الساخطة على أداء لا يرقى والتوجيهات الملكية الكريمة، لذا فإن المسؤولية عظيمة, والإصلاح جسيم, ورجال الوزارة المخلصون كثر, من وكلاء ومديرين, أعرف بعضهم حريص على العطاء المتميز, لكن بيروقراطية العمل, ووجود هوة سحيقة بين قمة الهرم وقاعدته، جعلت من العمل بطيئاً, والنتائج سيئة. أمامكم فرصة كبيرة بأن تعملوا خطة واضحة الأهداف شعارها «لقد استغنيت عن الضمان الاجتماعي» بدل أن تعلنوا بين فترة وأخرى بإضافة آلاف المستفيدين كما كان حاصلاً من قبل بكل أسف!!
إن مشاريع الرقي بدخول المستفيدين من الضمان الاجتماعي أكثر من أن تحصى، والكثير من رجال الرأي ورجال الأعمال على هبة الاستعداد للتعاون معكم للخروج بمشاريع رائدة وعظيمة، وكاتب هذه السطور أولهم.
إن قضية الفقر في بعض مناطق المملكة ليست بالقضية الغائبة عن صاحب القرار, ولكنها بكل أسف كانت قضية غائبة عن هذه الوزارة، ولذا لم تكن هناك معالجة جادة لهذا الملف، وهو في نظري ملف واضح المعالم سهل المعالجة عند حضور النية الصادقة والعمل الجاد.
الرسالة الثانية: أوجه هذه الرسالة لمعالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد, الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الله أبا الخيل، هذا الرجل الذي عُرف بنشاطه الذي لا يعرف الكلل، فأقول له إن الميدان أمامكم فسيح والمهمات جميلة وعظيمة داخلياً وخارجياً، فداخلياً أعتقد أن مما يجب أن تولوه عناية خاصة بيوت الله, فقد بدا تهاون شركات الصيانة واضحاً، خاصة تلك المساجد التي تقع في القرى وداخل الأحياء القديمة, كذلك مسألة تنظيم الدعاة فقد قلت جهودهم وانطفأ توهجهم, ولم يعد لهم تأثير في المجتمع.
وفي الشأن الخارجي نحتاج أن تعود المملكة إلى دورها الريادي القيادي في العمل الإسلامي والدعوي, فالمملكة قبلة المسلمين، ومنها أنبثق نور النبوة بالعقيدة الصافية السليمة, ولهذا فإن مسؤوليتها التي لا تخفى على معاليكم كبيرة وجسيمة في جانب العقيدة وسلامتها, ومما هو معلوم بأن خلو الميدان الدعوي يتيح لأصحاب العقائد العبث بعقول عوامل المسلمين خاصة إذا رافق ذلك بذل للمال كما هو حاصل من قبل دعاة الصفوية.
أعرف أن خادم الحرمين الشريفين مهتم بهذا الأمر غاية الاهتمام وله أكثر من توجيه لهذه الوزارة, لكن ما تم أقل بكثير من الطموح, فالأمل أن يتحقق على يديكم ذلك.
الرسالة الثالثة: بكل تأكيد للوزير الخلوق, وقد أسميه وزيرنا نحن الكتاب ورجال الإعلام، معالي الدكتور عبد العزيز الخضيري, وزير الثقافة والإعلام، وأبي فهد غير بعيد عن هذا المجال فهو الكاتب الجميل ورجل العلاقات المتميزة, يكمل هذا الجمال وهذا التميز خبرته الإدارية التي عُرف بها في أكثر من مكان. رسالتي لمعاليه قد تكون مركزة في جانب وجهنا الثقافي والإعلامي, فما هو حاصل لا يرقى وثقافة هذه البلاد وتاريخها العريق, نريد من معاليكم الكثير والكثير من أجل إبراز وجهنا الثقافي المشرق بأصالته العربية الإسلامية التي تُعد مفخرة ليس لنا كسعوديين فحسب بل لكل عربي ومسلم.
إن الثقافة والتراث السعودي أُختزل بكل أسف في بعض الرقصات والأهازيج الشعبية!! وهذا ظلم لهذا الوطن وهذا الإنسان. كما نريد من معاليكم بصفتكم رئيس مجلس إدارة هيئة الإذاعية والتلفزيون، العمل على تكثيف البرامج الثقافية والتاريخية الأصيلة التي تغرس في نفوس الناشئة القيم الأصيلة، وتجعلهم يثقون في وطنهم وقيادتهم من خلال البرامج التاريخية والوثائقية القائمة على المعلومة الصادقة دون تهويل ولا تنفير.
رسالتي الرابعة لمعالي القادم من التربية والتعليم معالي الدكتور خالد السبتي، هذا الرجل غير الغريب على هذا العمل, إلا في كونه سيتعامل مع جهات أعلى في تناولها العلمي والمعرفي، وهذا المكان الرفيع وهذه الوزارة السيادية شرف يضاف لمن يتولى دفتها, ولذا فإن ما ينتظره الوطن من معاليكم ليس بالهين, فمشروع الملك عبد الله للابتعاث من المشاريع الرائدة والمهمة, ويحتاج بكل تأكيد للمزيد من المتابعة والتطوير سنة بعد أخرى, لمساتكم مهمة، ففي الوزارة فريق عمل دؤوب نال رضا المواطن إلى درجة كبيرة، ولكن التطوير مطلب أساس في أي عمل ومن يدعي الكمال فقد غوى.
ومن المطالب التي نسمعها من المواطنين إنشاء الكليات النوعية في كل محافظات المملكة, ولعل من المناسب أن تكون تلك الكليات تتناسب وتوجهات أُناس هذه المحافظة أو تلك, من أجل مخرجات تعليمية تناسب سوق عمل هذه المناطق.
أثق بأن خبراتكم المتراكمة تؤهلكم بإدارة دفة هذا الوزارة بكل اقتدار.
ولوزير الاتصالات وتقنية المعلومات معالي الدكتور فهاد بن معتاد الحمد, البرلماني الإداري المتمرس أكثر من رجاء يبعثه كل المواطنين دون استثناء بحمايتهم من شركات الاتصالات التي لا تراعي في المواطن إلاً ولا ذمة, ولا تستجيب لرغبات المستفيدين إلا بشق الأنفس, فعلى الرغم من كون أسعار هذه الشركات هي الأعلى, إلا أن خدماتها هي الأدنى, إذا قُورنت بما تأخذه من رسوم مقابل هذه الخدمات.
وتأتي رسالتي السادسة لمعالي مهندس الطرق عبدالله المقبل العائد لقواعده مرة أخرى حاملاً معرفة جديدة, معرفة هندسة المدن، ليعود لهندسة الطرق عشقه الأول ونجاحه المسطر, يعود خلاله على قمة هرم هذه الوزارة لينتفي أي عذر كان حاضراً قبلاً, فأنتم يا أبا عبد الرحمن الكفاءة المعروفة والثقة المعهودة, ولكن - وهنا مربط الفرس - طرقنا تعبث بها بعض الشركات المنفذة, فالجودة منخفضة بشكل بات واضحاً على أداء هذه الطرق، كما أن عبث شركات النقل بطرقنا لم يعد محتملاً.
معالي الوزير.. المنطقة الجنوبية تستغيث، فحوادث طرقها التي باتت تكدر صباحاتنا بأخبارها المؤلمة تنتظر منكم لفتة عاجلة.
وأختم رسائلي لمعالي الدكتور محمد آل هيازع, وزير الوزارة الأكثر جدلاً، والأكثر حساسية، والأكثر تشابكاً، والأكثر تعقيداً, الوزير الذي قال له الملك بعبارة صريحة واضحة ولها من الدلالات الشيء العظيم (كل ما تحتاجون مجاب.. ولكن بيضوا وجهنا مع المواطنين)، وجهك أبيض يا ملكنا ووالدنا الغالي.
هذه الكلمات يا معالي الوزير تجعلنا نتطلع إلى عمل غير مسبوق، وإلى تحريك ملف مغمور اسمه (التأمين)، فالمواطن ضاق ذرعاً بالخدمات الصحية، فقد عمَّت المشكلة الكبير والصغير, وبات ألم المرض مضاعفاً بألم المعاناة من المستشفيات.
وقد تكون معاناة بعض المناطق أكثر من بعض, وأحوال بعض المستشفيات مزرية، وإني أدعو معاليكم لزيارة مستشفى الملك سعود للأمراض الصدرية لترى بأم عينك ما يوجع قلبك, وشقيقه مستشفى الإيمان الذي أعتقد أنه سمي بهذا الاسم لكون من يراجعونه مؤمنين أكثر من غيرهم بالقضاء والقدر, فقدرهم أن يكونوا هنا, ولا أنسى مستشفى غرب الرياض، مستشفى الأمير سلمان, فهو المتدني نظافة وكادراً طبياً.
وعلى استحياء أقول لمعاليكم لعل لكم زيارة لطوارئ مستشفى الملك فيصل التخصصي, لعلكم من هناك تعلنون الطوارئ.
ملفات ضخمة جداً يتطلع المواطن أن يرى أثراً سريعاً من معاليكم في تفعيلها وانتشال الغارق منها في بحر البيروقراطية العقيم.
رسائلي لكم أصحاب المعالي هي صوت المواطن صغته بقلمي ووجداني، اقرؤوا إن شئتم السطور وما بعدها, فما هي إلا إشارات.
نلتقي بكم في ميادين الإنجاز - بإذن الله.