الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، عالم جليل يضيف كل يوم بُعداً علمياً وأدبياً وحتى شرعياً لمقام الأزهر في مرحلة حرجة من المراحل التي يمر بها المسلمون، والذين يتعرضون لهجمات شرسة من الخارج والداخل معاً.
الدكتور أحمد الطيب، عالم من علماء المنطق، يجمع بين الجذور والتأسيس الديني، إذ تربى في المعاهد الأزهرية ونال الشهادة الجامعية في إحدى جامعات الأزهر، ليبتعث إلى فرنسا لينال شهادة الدكتوراه، ويعود لبلده مصر أستاذاً في جامعة الأزهر التي وصل إلى رئاستها ومنها إلى مشيخة الأزهر.
هذا الشيخ الجليل يعمل بهدوء وبإصرار على إعادة الاعتبار إلى الأزهر كمرجعية عليا للمسلمين كافة وليس في مصر، وجعله منارة للحفاظ على الوسطية في الإسلام وتنقية أتباعه من المتطرفين والمتشددين والمنحرفين.
وللشيخ الدكتور أحمد الطيب جهود مضنية ولكنها هادئة، وبإصرار وحسم وحزم وفق تحرك ناضج، ولم تقتصر جهوده في مواجهة محاولات التقليل من أهمية الأزهر داخل مصر ومحاولات الهيمنة عليه من قبل حركة الإخوان المسلمين في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، بل تعدى ذلك في مواجهة التطرف والتشدد والإرهابيين داخل مصر وخارجها. ويحسب للشيخ الدكتور أحمد الطيب تصديه وبشجاعة وحزم لمحاولة رئيس النظام الإيراني السابق أحمدي نجاد في توظيف زيارته للأزهر وتسويقها وكأنها فتح جديد للصفويين، حيث ترفع حتى من مشاركته مؤتمره الصحفي، ورد على ترهاته من أناب عنه في ذلك المؤتمر، ويحسب له أنه كان واضحاً وغير مجامل وتجاوز كل (النفاقات السياسية التي كانت سائدة في مصر آنذاك في عهد محمد مرسي.
اليوم سجل الشيخ الدكتور أحمد الطيب موقفاً جديداً في تجاوز المجاملات السياسية وعرض الحقائق الشرعية دون لبس أو مجاملة، عندما التقى قبل أيام بالدكتور حيدر العبادي رئيس الحكومة العراقية، ومع أن الدكتور العبادي يختلف علماً وخلقاً وأدباً عن أحمدي نجاد، إلا أن الشيخ الطيب أراد من الدكتور العبادي أن يكون قناة توصيل خيرة تنقل الفكر الإسلامي الوسطي إلى من ذهبوا بعيداً في خروجهم عن الأطر الشرعية والدينية من المتشددين والمتطرفين من بعض معتنقي المذهب الاثني عشر. نقول البعض، لأن الكثير من معتنقي هذا المذهب لا يوافقونهم في الانحرافات والتجاوزات التي تثير الفتنة والتباعد بين أبناء الدين الواحد.
بكل وضوح طلب الشيخ الدكتور أحمد الطيب من الدكتور حيدر العبادي أن ينقل للمرجعيات الشيعية في النجف والكاظمية وكربلاء أن يطلبوا ويأكدوا على مقلديهم بالكف فوراً عن سب الصحابة والإساءة لهم، وألا يستغل العمل الذي يجب أن ينخرط فيه الجميع في محاربة داعش في قتل وإبعاد المسلمين السنة من مدنهم بواسطة مليشيات الحشد الشعبي التي يجب ألا تكون مقتصرة على لون طائفي واحد، وأن تكون مفتوحة للجميع حتى لا تتسع الفرقة بين المسلمين.
حديث الشيخ الدكتور الطيب حديث العالم الأعلى مرجعية لدى المسلمين يجب أن يؤخذ به ويُعمل به إن كنا نريد الخير للمسلمين جميعاً، وألا نحصر ولاءاتنا لقوم يسعون للانتقام ممن نشروا الإسلام.