صبيحة كل اثنين وأنت تقلب أوراق صحيفة الجزيرة تجد نفسك في قلب الصفحات الرياضية في ضيافة الزميل عبدالكريم الزامل؛ لتقرأ نبض حروفه في زاويته «كلمة بعد كلمة».
وأنت تغادر «عبدالكريم» تجد جاره الشمالي في استقبالك بالصفحة المقابلة التي يسكن فيها الزميل عبدالله العجلان مرحباً بك في زاويته «عذاريب».
«الزامل» و»العجلان» توأمان سياميان، يلتصق جسدا مقالتيهما مع بعضهما منذ سنوات كثيرة, وكأني أرى عصفوراً أزرق ينخر جسد المتجاورَيْن ليفترقا؟؟!!
140 حرفاً في عالم «تويتر» قبل أيام معدودة كانت كفيلة بأن تصنع خلافاً بينهما. لا أريد هنا أن أصب الماء على الزيت.. لا أريد هنا أن أكون مع طرف ضد الآخر.. ما يربطني بـ»عبدالكريم» هو نفسه مع «عبدالله»، زميلان في الصحيفة نفسها, لم أتشرف يوماً بمقابلتهما، مجرد مكالمة هاتفية لا أكثر.
وجدت نفسي يوماً أسكن في عذاريب «العجلان» فاتصلت على «عبدالله» لأشكره. كان صوته ينبض بدعمي، ولم يبخل بتوجيهاته. وعاتبت نفسي يوماً على مقال كتبته عن «الزامل» بسبب تغريدات جماهير «تويتر» التي هاجمت الزميل بسلاح مقالي، فاتصلت على «عبدالكريم» لأعتذر له. كان صوته ينبض بالعتاب، لكن الحقيقة كان «كريماً» كاسمه بقبول اعتذاري.
الاثنين الماضي شعرتُ بالألم وأنا أقرأ «مقالَيْهما»، وكل جار يرمي جاره بعبارات تفوح برائحة «الخصومة»، وكأن أرض «تويتر» لم تكفِ فتشتعل حرب أخرى على صفحات «الجزيرة»!!
الاختلاف في الرأي ظاهرة صحية، لكن الفجور في الخصومة ليس من صفات الفارس الأصيل. تناقض الأفكار سمة بشرية، لكن تحويل أي صراع إلى أمور شخصية أمرٌ سلبي؛ يعقّد «القضية»، ولا يحلها. هذا يقذفه، والآخر يسخر منه, والقضية «الأم» على هامش التغريدات تراقب المشهد بخجل!!
يزف لنا «تويتر» يومياً معارك شخصية بين زملاء المهنة. لم أفكر أي يوم بأن أكون مع طرف ضد الآخر, إلا في معركة «الزامل» و»العجلان»؛ إذ وجدت نفسي مجبراً أن أهمس لهما معاً:
مَنْ المنتصر؟؟
مهما كانت النتيجة الخاسر الأكبر هو: «الجزيرة»!!
ولنا في هذه «الصحيفة» أزمة مضت بسبب صراع «تويتر» العقيم. خسرنا الزميل صالح السليمان؛ فتوقف نبض حروفه بسبب «تغريدة» ضد الزميل محمد آل الشيخ؟؟!!
نحن جيل الشاب في «الجزيرة» عندما نشاهد الزميلين «الكبيرَيْن» يتصارعان هكذا نخشى المستقبل عندما نستلم منهما «الراية»، فنجدها ملطخة بدماء التناحر والخصومة.. ما ذنبا؟.. ما ذنبا؟؟؟
كما استلمتما «الراية» من السابقين وهي بيضاء نقية نريدها كذلك يا «عبدالكريم» و»عبدالله»؟؟؟
لا يبقى إلا أن أقول:
أشعر بالخجل وأنا أبوح لزميلَيْن في سن «أبي».. أشعر بالخجل وأنا في بداية خطواتي أقف بين تاريخهما في عالم الكتابة الذي يفوق عمري في هذه الحياة.. فقط لا أكثر شعرت بنفسي وكأنني ولداهما «حسام» و»مشعل» شاب يبوح لأباه:
الصلح خير.. فمَنْ يبادر؟؟
«السلام» يكفي لإعادة الود بينكما.. وإذا كان بين المتخاصمين السلام بالقول دون المصافحة فذلك يكفي، فلا يكونا متهاجرين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «... يلتقيان، فيعرض هذا ويعرض هذا. وخيرهما الذي يبدأ بالسلام».
فليُطوَ «الخلاف» حتى تعود الحياة لصبيحة كل «اثنين» بصحيفة الجزيرة، و»عذاريب» تعانق «كلمة بعد كلمة» بلغة «الحب»، وأنتما كما أنتما جاران لا يفترقان!!
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّة يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لا يُشْرِكُ بِاللَّه شَيْئًا إِلا رَجُلا كَانَتْ بَيْنَه وَبَيْنَ أَخِيه شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا».
** هنا يتوقف نبض قلمي، وألقاك بصحيفتنا «الجزيرة» كل أربعاء وأنت - كما أنت - جميل بروحك. وشكراً لك.