في الصباح لاشيء أجمل من صوت الطبيعة، صوت غامض خجول لبقايا حنين البارحة، صوت آبار الارتواز تناضل في سبيل دفع الماء من أعماق الأرض، صوت همسات أفكار بعيدة تحاول تطريز خيوط أخيرة في لوحة ملونة، صوت خفيض لرفرقة جناح فراشة تخشى إيقاظ من حولها..
الفجر هو العتبة الأولى للتفتح وللحياة، وله في ذاكرتي مواقف جميلة مرسومة كالوشم الذي يستحيل محوه أو نسيانه، لا زلت أذكر صوت جدي وهو يوقظني لصلاة الفجر مع بعض من أشقائي ونحن في الطريق البري عبوراً من المدينة إلى القرية غالباً أو العكس، كان يعلمني كيفية الوضوء، أحاول تتبع تعليماته وأنا بالكاد أتعرف على تلك الكلمات الجديدة على مسمعي (مضمضة، استنشاق، مرفقين، كاحلين) لازلت أسمع صدى ضحكته ربما على براءتي في التعاطي مع تعليماته الجديدة، وفي زمن طفولي آخر لا يكون إلا في القرية، أتذكر فيه يقظتي على صوت همسات للكبار وهي لاتخلو من بهجة واضحة، جدي وجدتي وآخرون وقد استيقظوا لأجل صلاة الفجر وأصوات المؤذنين تتناوب، تلتقي وتفترق، منها القريبة المجلجلة وأخرى بعيدة خافتة وجدتي «رحمها الله» تعرف الأصوات ومواعيد كل منها فتقول هذا فلان وذاك فلان..!
***
من أهم مبادئ حقوق الإنسان إدانة العنف بكافة أشكاله، هو أمر سيئ ومرفوض حين يحدث بين بني البشر، العنف ضد المرأة والطفل سواء كان لفظاً أو سلوكاً، غالباً يحدث العنف لأسباب معينة مباشرة أو غير مباشرة، فما بالنا بالعنف ضد الحيوان الذي لاحول له ولاقوة حتى لو حدث من قبله اعتداء فهو حيوان لايملك عقلاً مثل الإنسان، في الفترة الماضية علمنا عبر وسائل الإعلام المختلفة بالكثير من الأحداث التي تم فيها تجاوز الحدود بالتعدي على الحيوان منها، على سبيل المثال ذلك الشخص الذي قام بإحراق ثعلب بسبب التهامه لبعض دجاجاته، وآخر كان يسحب كلباً خلفه بالسيارة وآخر قام بتعليق حيوان من فصيلة الماعز ثم قام بإطلاق ثلاثة كلاب تقوم بنهشه وهو يصدر أصوات استغاثة ولامجيب له، أما السيد المستبد فقد استغرق مع رفاقه في الضحك مع التصوير للقطات التي رأوها ممتعة! كما يظهر أصوات أطفال في المقطع كأنما يعلمونهم الأساليب الأكثر بشاعة لتعذيب الحيوان، هذا ولاشك أمر مؤسف أتمنى أن يتم تشديد العقوبة على هؤلاء وعلى كل من يجرؤ على تعذيب حيوان (والاستعراض أمام العالم بتصوير المشهد) وعدم التهاون معهم انتصاراً للطبيعة ورفقاً بهذا الكائن الضعيف وأولاً وأخيراً إرضاء لله.
***
(ياقلبي لو طاب لي زماني
وأنعم الدهر بالتداني..
تبسّمَ الفجرُ في عيوني
وغرّد الطير في لساني.
وددت من النشوة أغني
والليل يروي الحديث عني..
ياهدى الحيران في ليل الضنى..
قد غدوتُ الآن أدري مَنْ أنا)
أحمد رامي