يحدث أحياناً أن أتامل بعض الملامح التي تواجهني، ما بين مألوفة وأخرى عابرة ثم بمنتهى التلقائية والعفوية يحدث أن أصغي إلى أطراف من تلك الأحاديث التي تدار في الجلسات العامة «النسائية» على وجه الخصوص تلك التي تعكس ثقافة المجتمع المحيط بي ومنها ما يدار ضمن محادثات الهاتف الجوال سواء الفردية أو الجماعية فأجد أن هناك الكثير ممن ينقصهم الوعي والثقافة وأنهم بعيدون تماماً عن مدار القراءة العميقة، لكنني في القابل حين أزور المكتبات الكبيرة والصغيرة في بلادنا أو البلدان العربية المجاورة أجد أن هناك تهافتاً على طباعة الكتب والنشر بشكل غير مسبوق، أقرأ كثيراً من الأسماء الجديدة التي لم يحدث أن نشر أحدهم سطراً واحداً في صحيفة أو مجلة وقد خرج مباشرة إلى العالم بكتاب..
أقف حائرة أمام هذه العناوين المجهولة أسماء أصحابها في محيط الثقافة وأتساءل هل أقتنيه أم لا؟ فليس أسوأ من أن تدفع مبلغاً من الأوراق النقدية مقابل كتاب ثم تجده خالياً من القيمة، فارغاً من المعنى، بلا هدف أو إيقاع، لا لغة ولا فكرة.
هذه الظاهرة تجعلنا نتساءل بدهشة متى يتم غربلة هذا السيل؟ هل أصبحت وزارة الإعلام تمنح فسحاً مفتوحاً لكل ما يقدّم إليها بلا تدقيق أو تنقيح؟ وما هو الحل الوسط الذي يحفز المواهب ويطورها وفي الوقت ذاته يحافظ على قيمة الثقافة وأصالتها؟!
* * *
** ذات يوم بعيد في عمر الزمن، قريب في عمر اللحظات الجميلة، ذات مساء حاصرني موعد الكتابة، كنت في حيرة، الكتاب الذي كان بين يدي عبارة عن رواية (سارة) للعقاد والذي يتميز بأسلوب سلس جميل، كان عدد صفحاته فيما أتذكر حوالي المائة صفحة لذا فقد أنهيت قراءته ما بين الخامسة والعاشرة مساء، أنهيت الكتاب ليكون هو موضوع الكتابة في ذلك الأسبوع.. لا أخفيكم أحب أن أراني هكذا محفوفة بحافز الكتابة مأخوذة بجمال القراءة، تلك القراءة التي تمس مرايا الروح وتعيد تشكيلها من جديد.
* * *
** تستهويني متابعة تعليقات القراء ما بين الفترة والأخرى سواء على المقالات أو مقاطع الفيديو المنتشرة عبر «الإنترنت»، حيث أجد فيها شيئاً من المتعة وأحياناً لا تخلو من طرافة، حيث يتفوّق بعض من القراء بأسلوبهم وبعمق ثقافتهم، وفي هذا السياق حدث يوماً بعد إتمامي لقراءة أحد المقالات لإحدى الكاتبات أن حولت بصري لقراءة تعليقات القراء لأقرأ تعليقاً لإحدى القارئات تقول لصاحبة المقال: أما أنا فلا تعليق لي هنا مثل بقية القراء، أنا هنا لأجل أمر آخر أكثر أهمية، أنا هنا لكي أقول لك: فضلاً أعيدي إلي دفتري الذي يحوي مجموعة من الخواطر والمقالات والذي سلّمتك إياه منذ ما يقارب العام، وإذا كان لا يعني لك شيئاً فهو يعني لدي الشيء الكثير، لا غنى لي عنه..! يومها ضحكت من أعماقي وتمنيت أن تكون القارئة قد استعادت مقالاتها منذ ذلك الوقت.