لم أكن متعبة تلك الليلة..
حين عدت إلى المنزل، كان رأسي يفيض بالأفكار الجديدة والأحاسيس المختلفة وربما المتناقضة، عقارب الساعة تزحف إلى ما بعد منتصف الليل، وأنا أفكر بأنه قد حان موعد النوم لكن لارغبة لي فيه وقد وجدت نفسي وحيدة أمام شاشة التلفاز، بعد تقليب القنوات وجدتني أمام إحدى الحلقات من مسلسل سوري بعنوان (لو) وقد كنت وما زلت أشعر بأن المسلسلات السورية من أفضل المسلسلات العربية إن لم تكن حقيقة هي الأفضل.
لم أكن أعاني فراغاً لكن قلت لنفسي لا بأس بالخروج من الجدية المستمرة طوال الوقت من خلال عمل مختلف، المسلسل يتضمن حكاية زوج وزوجة حالتهما المادية ممتازة، لا تخلو من رفاهية، ولديهما طفلة واحدة.. بدا لي المسلسل جريئاً على غير عادة الأعمال التلفزيونية العربية فالمرأة تعرف رجلاً آخر عدا زوجها تمارس خيانته بشكل مستمر لكنها فيما يبدو لا تسمي هذا السلوك باسمه الحقيقي، تمضي الأحداث وتبدأ مشاعر الشك بالتسلل إلى الزوج، ومن ثم يبدأ بمطاردة الزوجة وتتبع خطواتها للتوصل إلى الحقيقة، أحد المشاهد بدا لي أنني رأيت مشهداً مشابهاً له في فيلم أمريكي لـ(ريتشارد جير) أيضاً يتحدث عن خيانة الزوجة، أعود إلى المسلسل العربي، أخذ الزوج يطارد الزوجة وهي تفتعل الأعذار والحكايات لأجل الظهور بمظهر الزوجة المخلصة، هما يطاردان بعضهما وأنا أطاردهما بانتظار النهاية وقد طالت الأحداث وتمددت، فعلى سبيل المثال تمضي خمس دقائق وهو ينتقل عبر السلالم إلى الأعلى بحثاً عن دليل، وخمس دقائق وهي تقدم الإفطار لابنتها وترافقها إلى حافلة المدرسة، عدا أحداث أخرى أتوقف أمامها بأعصاب مشدودة بانتظار مفاجأة ما ثم يحدث ما يوقفها لأجل تأجيل النهاية، وفي لحظة انتباه أثناء فواصل التوقف القصيرة للمسلسل، عدت إلى الإنترنت، بحثت حول هذا الموضوع فإذا بي أفاجأ بأنه عبارة عن مسلسل من ثلاثين حلقة سبق أن تم عرضه في رمضان الماضي، وأنه يعاد حالياً في نهاية الأسبوع في كل مرة حلقتين أو ثلاثاً منه، إذاً هو موجود على اليوتيوب وبإمكاني مشاهدته في أي وقت!
عندها تساءلت ترى من هم مشاهدوا المسلسلات؟ هم يتراوحون غالباً ما بين مراهقات ومراهقين لم يشعروا بعد بالجدية تجاه حياتهم أو من ربات البيوت اللاتي يعانين فراغاً هائلاً يملأنه بمثل هذه التسلية لكن حقيقة ومهما بلغ مستوى المسلسل إلا أنه يستغرق الكثير من الوقت الذي هو جزء لا يستهان به من أعمارنا، فهل يعي ذلك عشاق المسلسلات؟
** (لقد استغرق مني الأمر حوالي خمسة عشر عاماً ريثما تأكدت من أنني غير موهوب، لكن لم يعد بوسعي اعتزال الكتابة، فقد كنت قد صرت كاتباً مشهوراً!) - روبرت بنشلي -