الوقت كنز مهمل وثروة ضائعة.. يتغافل عنها المغفّلون، فتجد أن معظم الناس في وقتنا الحاضر غير راضين عن حياتهم وواقعهم، وذلك بسبب عدم مقدرتهم لإدارة أوقاتهم مما سبب لهم اضطرابات وأمراض نفسية.. وهذه الأمراض النفسية التي تنتابهم ما هي إلا نتيجة لعدم الرضا عن الواقع كما يؤكد ذلك علماء النفس، الأمر الذي يجعلهم يعيشون في تنكيد وكدر يتجرعون غصصه إلى يوم القيامة، ما لم يتداركوا ذلك بتنضيد أوقاتهم وتنظيمها.
الوقت خبرة حياتية ذات معنى، فالوقت شيء نعيشه كمورد إنساني ونجني من لحظاته الفوائد العديدة، ولذلك لا تقل لي أخي القارئ/ أختي القارئة كم ساعة عملت، ولكن: قل لي ماذا عملت، فلا تسأل أبداً عن الوقت المتتابع، بل اسأل عن قيمته.. فتنظيم الوقت يعتمد على الزمن المتوافر لديك، وكلنا يتوفر لدينا 24 ساعة، فتنفق ما بين نوم، وعمل، وجلوس مع الأسرة، وتسلية وترفيه للنفس والعائلة.. ويتخلل ذلك كله إنفاق في طاعة الله وذكره وقراءة كتابه الكريم، كما يُحدد ذلك علماء إدارة الوقت.
الوقت كنز بين يديك فإما أن تستغله لمزيد من السعادة والنجاح، وإما أن تبقى غافلاً مغفّلاً فتخسر الكثير من الأشياء.. وقد أرشدنا المولى سبحانه للمسارعة في العمل بقوله: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} (133) سورة آل عمران، لمحدودية الوقت الذي متى ما فات وانقضى؟ فستندم وليته ينفع الندم، وقدم لنا كذلك سبحانه وتعالى أفضل أسلوب لإدارة أوقاتنا في استشعار لقوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ} (19) سورة الحشر، ولنخطو خطوات صحيحة لإدارة أوقاتنا بفاعلية، ولعلي أن أهمس في أذنيك أخي القارئ/ أختي القارئة بثلاث همسات سريعات:
الأولى: حدّد هدفك من اللحظة الأولى.. فالذي يعيش بدون تحديد أهداف معينة في حياته فهو كمن يعيش تائهاً في الصحراء.
الثانية: انسى أي مشكلة تعتريك في حياتك وحاول مسحها من تفكيرك، وبعد ذلك انتقل في التفكير في قضية أخرى تحقق لك أهدافاً مرجوة.
الثالثة: الشعور بالفشل عدو للوقت، فإياك ثم إياك أن تترك يوماً يمر عليك دون أن تتعلم أو أن تفعل شيئاً جديداً ومفيداً يسجل في قائمة أعمالك الإيجابية.
خلاصة القول: السعادة شيء شديد التعقيد، وليس سهلاً أن تصل إلى قمة السعادة ما لم تضع نصب عينيك أخي القارئ/ أختي القارئة تفريغ جزءاً من وقتك في تدبر القرآن والاستماع إليه، ثم بعد ذلك مجالات إنفاق الوقت التي حددها علماء الإدارة في مجالات معينة ذكرتها آنفاً.. ولذلك فإني أجزم يقيناً أن الإنسان الذي يسيء استخدام وقته، فإنه لا يهدر وقته فقط، وإنما يهدر وقت الآخرين معه كذلك. هذا طرحي المتواضع أضعه بين أيديكم الكريمة في هذه الصحيفة المتميزة، ولكم مشاركتي بتعليقاتكم وآرائكم التي أحسب أنها ستثري الطرح من الجانب الإداري تميزاً وإشراقاً.
- وكيل كلية بيشة للتدريب