من أجمل ما يثلج الصدر هذا الخير الذي يعمر النفوس في أبناء هذا المجتمع..
وليس وقفاً هذا الخير في كبار السن منهم, بل الجميل المطيب للنفوس أنه يكمن في, ويتفجر عن نفوس شبابنا الطامحين، والواثبين على الحياة بجعلها ميدان عمل, وتنافسٍ في الخير..
قبلاً تناولت ما يفعله منهم الرفق بالحيوان، يطعمونه، ويتبنّونه، ولا يدعونه سائباً مشرداً في الطرقات.., يتكفّلون ويتكلّفون به إرضاءً لله تعالى, وإمتاعاً مجنياً للنفس.. مع ما في هذا الأمر من مشقة وبذل.. ولكنه المجتمع الذي يطمئن بهم على قيمه وخيريته..
واليوم أكتب عنهم، شبابنا المميز وهم يقيمون مشاريع ذات قيمة عظمى من قيم التكافل، فهناك من أنشأ مشروع «مثاقيل الذر», وفكرته منبثقة من قوله تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ}، وقول نبيه عليه الصلاة والسلام: «في كل ذات كبد رطبة أجر».., يهدف هذا المشروع لشكر النِّعم، وذلك بجمع كل فتات من أكل سواء بقايا الأرز, أو الخبز, أو الفاكهة، أو البذور, وتقديمها للطيور, وللحيوان..
وبذا لا تذهب بقايا الطعام هدراً، ولا بطراً.., مهما كان صغرها كالذر, بل تتجه إلى أكباد رطبة، وإلى موازين كريم, برٍّ لا تضيع عنده نية, ولا عمل سبحانه وتعالى..
والمشروع الآخر هو «اشركني», ويهدف إلى التكافل الاجتماعي, والتعاضد لرفع الحاجة عن محتاج, وفك كربة عن معوز، وذلك بإشراك الفقير، والسائل، واليتيم, والمسكين فيما يبتاعه المرء لنفسه, فإن ابتاع ملابس، أو ماء, أو وجبة طعام, يضيف إليها شيئاً لعامل في الطرقات, أو يضعها في مسجد، أو يقدمها وهو يعبر الطريق لمن يزرعه, أو ينظفه, أو يستظل.. أو يبترد, وإن ألبس ابنه في قيظ, أو برد ألبس يتيماً لا عائل له..، حتى كوب الشاي لم يغفله المشروع، فيوحي لمن ينفذه إن كان في بارحة عمل وأعد لنفسه قدحاً من الشاي أن يقدم آخر لعامل, أو حارس بالقرب في دائرته...
وهناك مشاريع كثيرة ينشئها شباب هذا الوطن، وهم يستفيدون من وسائل التواصل نافذة لإيصال أفكارهم، لا يبدِّدون وقتاً بلا فائدة, ولا يهدرون قيماً بلا وعي...
هؤلاء يثلجون الصدور, ويوطدون الثقة بأنّ المنفرطين من أبناء هذا الوطن نحو ما يكدر النفوس إنما يقابلهم العدد الأكبر، والشرائح الأنقى، من هم على جادة وعي بما لهم, وبما هو عليهم، متخذين من صلاح النهج، ويقين الإيمان، وسلامة الأساس سبيلاً لإشاعة خيرية هذه الأمة, وصلاح أبنائها..
مشاريع هؤلاء الشباب ذات خيرين، خير الدنيا، والآخرة.. وإنه لعمري قطب الحياة ومدار المسؤولية..
فاللهم ارزقهم الخيرين، وثبتهم على نهج الاستقامة، واجعلهم سلاماً على أنفسهم, ومجتمعهم.. وحقق مرادهم الذي هو رضاك وسعادة الدارين.
فاللهم آمين.
إنني أحييهم بهذه السطور..
فهم موئل المسرة، والاعتزاز... بوركتم ووفِّقتم..