يبقى مرفق القضاء أحد أهم المرافق ذات المساس بكل إنسان.. والحقوق لها تأثيرات مباشرة على حياة الناس، وهي لا تقف عند الجوانب المادية بل تمتد إلى الاجتماعية والاقتصادية والنفسية؛ وبالتالي نجد أن الدين الحنيف أولى هذا المرفق جل الاهتمام. واليوم مع تطور وتغير الحياة زادت التعاملات، وتعقدت العلاقات الحقوقية، وأصبحت المحاكم تتلقى كمًّا هائلاً من القضايا، منها البسيط، ومنها ما هو معقد؛ ويحتاج إلى سنوات.
المحاكم لدينا بقيت لعقود مضت تواجه تزايد القضايا بنفس الإمكانات البشرية والتقنية القديمة؛ وبالتالي كانت الحاجة ماسة جدًّا للنهوض بهذا المرفق. وجاء مشروع الملك عبدالله لتطوير القضاء ليكون هو بداية الانطلاقة للتطوير، وتسير وزارة العدل بقيادة معالي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى في خطى حثيثة وملموسة؛ لينعكس هذا المشروع على واقع تعاملات الناس مع القضاء. والبداية كانت على المستوى التقني الذي وفر الكثير من الوقت على المراجعين. والأمل في استمرار هذا التطوير، وشموله كل الجوانب والتخصصات. وقد استبشرنا بإصدار المجلس الأعلى للقضاء قراراً بإنشاء محاكم عقارية تختص بالقضايا ذات العلاقة بمنازعات العقار، وسوف تبت هذه المحكمة في أي قضية تخص القطاع. ونأمل توسيع قاعدة المحاكم المتخصصة؛ ما سيكون له دورٌ كبيرٌ في تخفيف مواعيد الجلسات القضائية، وإعطاء المزيد من الدعم لسرعة البت في القضايا، من خلال تركيز النظر القضائي على قضايا معينة.
نتمنى ألا تتوقف عجلة التطوير، وخصوصاً في المسائل والآليات المتعلقة بتقليص مدد التقاضي، واستثمار وقت كل العاملين بمرفق القضاء، بما يحقق درجات أعلى من الإنجاز. والأمل كذلك بأن يتم الالتفات إلى طريقة وآلية إبلاغ الخصوم، فما يحصل الآن أن المدعي هو من يذهب لإيصال طلب الإحضار للخصم، وهذا فيه كثير من الحرج للمدعي. وفي كل دول العالم تكون هناك جهة معنية بإخطار وإحضار الخصوم. إننا اليوم متفائلون، ونأمل بالمزيد، وإن كانت التراكمات السابقة ثقيلة إلا أن التغيير والتطوير ليس مستحيلاً.