الوقت بذاته، بوصفه زمناً، لا ينجز لك عملاً، ولا يحقق هدفك الذي تسعى لأجله.. وبمقدار استغلالك للوقت بشكل صحيح تنجز ما تريد. وهنا تكون قضية الإنجاز متعلقة بالشخص والفكر والتنفيذ. والوقت ليس إلا أحد العوامل المساعدة في ذلك. وإذا كان مجلس الشورى يناقش هذه الأيام زيادة ساعات عمل موظفي الحكومة إلى ثماني ساعات بدلاً من سبعة فهو يناقش عاملاً ليس ذا تأثير حقيقي على الإنجاز ذاته، ولايعالج الهدر الزمني الذي تعيشه كثير من الجهات الحكومية؛ فالقضية اليوم في دوائرنا الحكومية، وخصوصاً ذات العلاقة المباشر بالمواطن، ليست قضية وقت، إنما في كيفية استغلال الساعات السبع الحالية، التي لم تتجاوز فيها إنتاجية الموظف ساعة واحدة يومياً كما ذكرت دراسة لوزارة التخطيط، في حين تصل وفقاً للمعايير الدولية إلى 7 ساعات يومياً.
معضلتنا ليست في الوقت، إنما في الفكر الإداري المتخاذل، والترهل الذي أفقد الموظف الحس بالمسؤولية والتبلُّد تجاه الإنجاز، وهذا أمر معلوم عند كل أعضاء المجلس؛ فهم لم يأتوا من كوكب آخر؛ هم جاؤوا من بيئة العمل ذاتها، ومعظمهم كان على رأس المسؤولية في العديد من الجهات الحكومية؛ وبالتالي لا يجب أن يتعاملوا مع القضية وكأنها جديدة، أو لا يعلمون عنها؛ فالمسألة ليست بالوقت كما ذكرت، إنما في كيفية خلق فكر إداري، يتعامل مع الوقت كاستثمار، ومع المراجع كإنجاز وهذا.. بيت القصيد.
لدينا تجارب عدة تحولت فيها إنتاجية الموظف إلى الأفضل، بعد أن استوعب تغيير الفكر الإداري. فعلى سبيل المثال، قطاع الاتصالات حينما تحول من القطاع الحكومي إلى الخاص شهد تحولاً في إنتاجية الموظف؛ لأن معايير التقييم والرقابة والانضباط اختلفت تماماً؛ فمن حالة التسيب إلى حالة من الانتظام والرقابة ومعايشة الثواب والعقاب كمنهج عمل. أيضاً لدينا تجربة حكومية نادرة، تغيرت فيها نمطية أداء الموظف إلى الأفضل، سواء على مستوى التعامل مع المراجع من حيث اختصار الإجراءات، أو بيئة العمل، وهو ما حصل في وزارة التجارة والصناعة. فحينما تولى الدكتور الربيعة حقيبته الوزارية عمل على تغيير شامل، ونجح بالفعل؛ ما يؤكد أن العلة في الهرم الإداري. فالمطلوب قياديون شباب قادرون على إحداث الفرق. ومثل هذه التحولات هي المطلوبة في القطاع الحكومي، وليس فقط تمديد ساعات العمل كما يطالب مجلس الشورى.