تنشغل الحكومة في مواجهة تحديات أسواق النفط وانعكاساتها على الاقتصاد؛ والتنمية بشكل عام؛ وتجعل منها محوراً لنقاشاتها وبرامجها؛ وخططها المستقبلية؛ وتتصدر مواضيعها الكلمات الملكية؛ ومنها كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في مجلس الشورى التي ألقاها نيابة عنه ولي العهد؛ الأمير سلمان بن عبدالعزيز؛ وشدد فيها على المضي في مشروعات التنمية وبما يحقق رفاهية المواطن برغم التحديات الكبرى في أسواق النفط. وفي المقابل؛ تجتهد جماعات الإرهاب لزعزعة أمن واستقرار الوطن؛ واستهداف مقدراته؛ وضرب الاقتصاد؛ ونشر الفوضى في أرجائه.
عملية مركز سويف الحدودي الإرهابية جزءاً لا يتجزأ من مخطط الإرهاب الشامل الموجه ضد السعودية. عمليات متعاقبة ومتنوعة؛ هدفها القتل والتدمير وتشويه صورة الإسلام النقية.
باتت الحدود الشمالية أكثر قرباً من جماعات الإرهاب المنتشرة في سوريا والعراق؛ المسيطرة على بعض المناطق الحدودية. غياب الأمن في الجانبين السوري والعراقي أسهم في تحقيق الانتشار النوعي لجماعات الإرهاب؛ وتنفيذها بعض العمليات الإرهابية الموجهة. برغم قذارة تلك العمليات؛ فهي لا ترقى إلى إحداث الأثر النوعي على أرض الواقع؛ غير أنها تحقق غايات جماعات الإرهاب الدعائية التي تشكل الجزء الرئيس من إستراتيجيتها.
الغدر والخيانة؛ ديدن أهل الكفر والضلال؛ وهما الغطاء الذي نجحوا من خلاله في استهداف رجال الأمن؛ في أكثر من مرة؛ ما يجعلنا أكثر حرصاً على تطبيق معايير الأمن والسلامة في التعامل مع الإرهابيين؛ لضمان وأد تلك العمليات في مهدها؛ وعدم إعطاء جماعات الإرهاب البعد الدعائي الذي تبحث عنه.
أحسب أن تصوير العمليات الإرهابية وبثها؛ بطريقة غير قانونية؛ يسهم بشكل مباشر في تغذية أهداف جماعات الإرهاب. يبدو أننا في أمس الحاجة إلى رفع الوعي الأمني الذي يحكم تصرفات الأفراد والمجتمع في التعامل مع العمليات الأمنية؛ وبخاصة أولئك المتواجدين في قلب الحدث والقريبين من مسرح العمليات؛ وتأطيره بالأطر القانونية الصارمة التي تجرم تصوير العمليات الأمنية وبثها على شبكات النت.
كان لافتا في عملية مركز سويف؛ تطاير الأوراق النقدية من فئة خمسمائة ريال. بعض التقارير غير الرسمية أشارت إلى أن الإرهابيين كانوا يحملون حقيبة مليئة بالأموال النقدية؛ وهي أموال ربما جمعت بطرق غير مشروعة داخل السعودية؛ قبل تهريبها للخارج.
المال عصب العمليات الإرهابية، وما كان لتلك الجماعات المتناثرة أن تستمر في أعمالها الإجرامية لولا وجود الدعم المالي، والمساندة اللوجستية. ملف تمويل الإرهاب لم يغلق بعد؛ وإغلاقه يعني تجفيف منابع التمويل وبالتالي الحد من العمليات الإرهابية في المنطقة. التركيز على التمويل الداخلي وتجفيفه يعني القضاء على 50 في المائة من مصادر التمويل الرئيسة لجماعات الخارج؛ وما يقرب من 80 في المائة من تمويل جماعات الداخل.
لا يقل الدعم الإعلامي الذي تتحصل عليه جماعات الإرهاب؛ أهمية عن الدعم المالي؛ وهو ما أعتقد أنه ساعدها في الحصول على تغطيات أسهمت في نشر أفكارهم المنحرفة؛ وتحويل جرائهم إلى (بطولات)؛ وانتحارهم إلى استشهاد. في إحدى الصحف الإلكترونية الدولية؛ وصف رئيس تحريرها؛ عملية مركز سويف الحدودي الإرهابية بـ»العملية الاستشهادية» وهو توجه استخباراتي يهدف إلى تشجيع الشباب والمراهقين على الاقتداء بالمجرمين الخارجين على القانون. يفترض أن تقوم سفارات المملكة برفع قضايا قانونية ضد إعلاميي الخارج، الداعمين للإرهاب بكتاباتهم القذرة؛ والمتعارضة مع قوانين مكافحة الإرهاب.
أجزم بأن وقف التنمية وتدمير مقدرات الوطن هما هدف الإرهابيين الرئيس؛ ومن الممكن تحويل أهدافهم التخريبية إلى رأس حربة لتدميرهم؛ والقضاء عليهم. التنمية البشرية؛ المكانية؛ والاقتصادية قادرة على تدمير جماعات الكفر والفجور؛ وتجفيف مصادر دعمهم التي تقوم على الخرافة والجهل؛ والقتل والزهد بالدنيا؛ والإقبال على الانتحار في سبيل الحصول على (الجنة الموعودة). ربما نحن في حاجة إلى إعادة هيكلة إستراتيجية مكافحة الإرهاب وبما يضمن النتائج. تعديل الإستراتيجيات أمر مهم لضمان المخرجات؛ خاصة في حال عدم تحقيق مجمل النتائج المرجوة. نجاح الإستراتيجية الأمنية يحتاج إلى إستراتيجية تنموية موازية لحماية المجتمع وشبابه من جماعات الإرهاب.
أختم بقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25) سورة الرعد.